مجلة كلمة الله تعالى

(علم سياسة الظهور الإعلامي للقائد المسلم – بقلم : علاَّمة الديار الشامية الشيخ د.هانيبال حرب -العدد (77

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد السراج المنير في دربة العارفين خير من والاه إلى يوم الدين

 نقلاً من دورة تثقيفية أقامها إتحاد السياسيين المسلمين ، وقدمها فضيلة العلامة الدمشقي الشيخ الدكتور هانيبال يوسف حرب ، اخترنا لكم منها هذه المقدمة

مقدمة تعريفية في علم سياسة الظهور الإعلامي للقائد المسلم :

بمناسبة إحتفال إتحاد السياسيين المسلمين بتأسيس فرع سوريه ومرور عام على تأسيس الإتحاد لا أجد إلا أن أبارك للأعضاء الأكارم بهذا الإنجاز .. والذي أرى أن عالمنا الإسلامي يحتاجه .. لإرساء دعائم الفكر السياسي الإسلامي المعاصر القائم على المساواة بين المسلمين .

وإقامة الحريات الحقيقية وإرساء الرحمة والمصلحة للشعوب على هذا الكوكب .. كما كان يريدها لنا الرحمة المهداة سيدي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .. وكما شرعها لنا الحق جل وعلا .. فإن أعواماً طويلة من محاربة الإسلام على هذا الكوكب أثرت في تراجع الثقافة الإسلامية السياسية النقية التي تبني ولا تهدم .. وبالتالي أثرت على ظهور سياسين مسلمين بضوابط حضارية مواكبة للعصر .. مما أضعف حركة الفكر السياسي الإسلامي من حيث الدراسات والأبحاث .. ورفد المجتمعات بفكر سياسي إسلامي عصري حداثي لا يغادر ثوابت الشريعة الإسلامية .. ولا يهمل تنظيم المتغيرات .. على عاتقكم أيها الإتحاد مهمة تثقيفية كبيرة .. ولكني أثق بحكمتكم ورجاحة عقولكم ونقاء أرواحكم في النهوض بالسياسة الإسلامية بعيداً عن العنف المدمر والإرهاب الهدام وقريباً من سياسة الله تعالى العليا في إدارة ساسة الدنيا ما استطعتم بالحكمة والموعظة الحسنة والجهاد المشروع في حماية البلاد والعباد ..

وفي هذا السياق كان لابد لنا أن ندرس علم من علوم الظهور الإعلامي حتى يتسنى للساسة المسلمين التعرف على أحدث مستجدات العلوم السياسية التي تهمهم في ترسيخ دورهم الفاعل في هذا الكوكب الظهور الإعلامي للسياسي المسلم و سيكولوجيا القائد والاتصال الإنساني بأسرار 2012 .

من المفيد أن يضع القائد الذي يحتم عليه موقعه الظهور في الإعلام المرئي ، كأحد وسائل الإتصال الإنساني الحديث بين يديه بعض الأمور التي تتعلق بآلية وأسرار الاتصال .. ولكي يتم التركيز عليها من قبله .

في عالم السياسة هناك ظهور خاص للسياسي تابع لشخصيته وكيف يريد أن يظهر بها .. منها متى يلبس ربطة العنق الحمراء ومتى يلبس الزرقاء .. ؟ وما يعني كل لون منها .. ؟ وكيف يوظف هذه الحقائق في خدمة ظهور الإعلامي .. وهذا أمر معروف عند السياسيين الكبار فتارة نرى رئيس أمريكا يظهر بربطة عنق حمراء وتارة زرقاء وتارة بلا ربطة عنق .

ولا شك أن وضع الشيء في غير محله يسيء إلى ظهور السياسي ويشير إلى تخلفه وعدم تحضره .

هذا من وجه الملابس وكذا هناك أسرار في الحركات والصوت وكل أنواع الأداء .

لاشك أبداً أن الناس تقييم الأشخاص في الدرجة الأولى من خلال مظهرهم الشخصي ، وذلك لأن المظهر الشخصي للإنسان هو عنوان مكوناته الباطنة والظاهرة فمن المظهر نستدل كم هو متحضر .. أو كم هو أنيق الباطن .. أو كم هو نرجسي .. أو كم هو مستهتر .. أو كم هو مهتم .. أو محترم أو غني .. أو فقير .. أو وطني .. أو عسكري …. الخ .

كل هذا في الحال العادي للإنسان فكيف إذا وظف هذا المظهر لإستخدامه بإعطاء رسائل معينة إلى من هو في محيطه الخاص ( سواء إجتماعي أو اقتصادي أو سياسي … الخ ) .

الحقيقة هنا أن العالم السياسي اليوم ومنذ زمن بعيد يستعمل هذه التقنيات ويوظف هذه الرسائل مما جعل الأمر يظهر على أنه جزء من الخطاب السياسي اليوم ..

وبالتالي :

صار حتماً لازما على أي شخص يريد الظهور في العالم السياسي اليوم أن يتعلم ويعي هذه الحقائق الكونية في ارسال رسائله .. من جهة ليرسله رسائل هو يريدها .

ومن جهة ليقرأ ويفهم رسائل ترسل إليه ويخاطب بها عبر مظهر أي سياسي يتعامل معه .

ومن هنا كان لابد للمسلم السياسي إذا أراد أن يواكب حركة السياسة اليوم أن يعي ويدرس هذا العلم ليكون على مرتبة هامة .. ولا يضع نفسه في مهب الريح حتى يخدم قضاياه بلغة العصر .

ألا تلاحظون معي كيف أن السياسيين حول الأرض قد وظفوا ملابس القرون الماضية ( مثل : العمامة .. والشروال .. والجلابية .. الكاب .. والعباءة العربية .. واللحية الكثيفة الطويلة .. ) وظفوا كل ذلك على أنها ملابس إرهابيين .. متطرفين .. حتى سرى ذلك في ثقافة الكوكب حتى في السينما العالمية .

فتقييم السياسي يكون من خلال صورة أدائه .. فالمتكلم يختلف تقييمه عن السياسي الغير متكلم .. والمتحضر يختلف عن غير المتحضر .. والعالم بفنون هذه الأسرار أكيد له تفاعل وتعامل مختلف لذلك يصنفونه عالمياً من أكابر أهل السياسة وهكذا .

كما يمكن الإستفادة من هذا العلم للأشخاص العاديين غير الإعلاميين لأنك إن لم تكن سياسياً أو إعلامياً في الظهور فأنت مواطن تشاهد هؤلاء السياسيين والإعلاميين على التلفاز وبالتالي تحتاج إلى فهم ماترى وما يجري ومايرمز إليه المشهد بكل حركة وسكنة .

ملاحظة :

ليعلم الجميع أن هذا النوع من العلوم هو لغة عالمية من لغات الظهور .. فما يفهمه من ربطة عنق حمراء ولهجة صوتية متوسطة .. ونبرة رخيمة في شرق الأرض يفهمه من هو في غربها .. ولكن لا ننكر أن الحكومات والدول وخصوصاً القوى الإستخباراتية تعمل بشكل منظم وسريع على الكثير من هذه الأسرار وتدرسها لستفيد من قواها القدروية والطاقية .. فهي ليست فقط إشارات ولغة تخاطب ، بل أيضاً تسخيرات وتصريفات روحية ونفسية في الآخرين .

آلا ترون في السياسة الإعلامية الأميريكية بالذات يعطون أهمية للظهور الإعلامي بنسب عالية تتراوح بين السبعين والتسعين بالمائة .. وكثيرة هي الحوادث السياسية التي كان نجاحها مبني على هذا النوع من السياسات الظهورية للساسة . شرقاً وغرباً .

واعلموا : أن معرفة وتمكن السياسي الناجح من قواعد الظهور الإعلامي لا تغنيه عن إتخاذ مستشار إعلامي له إلا إذا كان متفقهاً فيه تماماً .

لأنهما إختصاصين مختلفين .. ولكن لابد للسياسي من دراسة هكذا أمور حتى يفهم ماذا يخطط المستشار الإعلامي .. وكيف يبني سياسة ظهوره .

فلو أشار إليه بإزالة نظاراته في مؤتمر ما لن يحتاج السياسي أي تبرير من المستشار للعلم الواقع بينهما .

فقط عند العرب تأتي الأمور والعلوم بهذه الأشياء بعد التولي للمنصب السياسي لأن أغلب الساسة هنا ليسوا سياسيين على الحقيقة بل هم مثقفون أو متعلمون أو حتى تجار دخلوا البرلمانات بمالهم فمارسوا السياسة .. أما في الدول المتقدمة فلا يعطي أحد صوته ولا يسلم قضيته السياسية لمن هو غير متخصص في السياسة .. من أين نستمد هذا النوع من العلم :

من جملة علوم منها ولا أقول كلها .. بل منها :

1- يكون استمداده من علوم الأسرار الكونية العلمية في عالم القدرة والطاقة والنفس .

2- علم النفس .

3- علم المشاعر .

4- علم خصائص الألوان .

5- علم خصائص الأشكال .

6- علم خصائص الحروف .

7- علم إيماء الجسد .

8- علم الأزياء .

9- علم الطاقات البشرية .

10- علم الطاقات الكونية .

11- علم الرمز .

12- علم خصائص الأعداد .

فمثلاً في ( علم الشكل ) شخص سمين مدهن .. غير مقنع في حشد أصوات دولية لقضية مجاعة مثل شخص بلا دهن على العظم .

التأثير النفسي حقيقة واقعة .. لايمكن لأحد إنكارها .. فكيف ببقية أسرار النحافة والسمنة .

تجد : (99%) من سياسيي الإتحاد الأوربي من النوع النحيف .

لذلك هذا العلم بشكل عام يعتبر من أسس الظهور الإنساني الحضاري المتفوق .

إذاً فهو واجب علينا تعلمه وتعليمه حتى وفي مراحل مبكرة من العمر في سبيل صناعة جيل أكثر وعياً ، و في سبيل أن تكون له رسالته ثرية وذات فاعلية لنفسه ولمجتمعه مستقبلاً .. هذا مما لاشك فيه في أدنى درجات الوعي الإنساني .

وأختم هذه المقدمة : وأقول :

هذا العلم ينطبق على الظهور الإعلامي للسياسي وينطبق على الظهور الإعلامي للمرأة السياسية ولكن لها قواعد خاصة بها ، فكلاهما في العلم سواء مع علمنا أن للأنثى فروق وميزات ليست للرجل ، وللرجل فروق ميزات ليست للأنثى .

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل والحمد لله رب العالمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى