مجلة كلمة الله تعالى

(محو الأمية الروحية – بقلم : الدكتورة نور ميري – العدد (78

” عدد خاص “
تكريماً لسعادة سفيرة إتحاد البرمجة الحرفية الكونية الروحية الدكتورة نور ميري حفظها الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد حبيب الروح و مهجة الفؤاد و آله و صحبه أجمعين و التابعين المحبين المحبوبين

شهدت الأمم عبر العصور تطوراً لأنظمتها المختلفة و معتقداتها و مختلف شؤون و مجالات حياتها , و كان الإنسان دائماً في بحث مستمر سعياً وراء تطوير نفسه على شتى الأصعدة والارتقاء بذاته و تحريرها من مختلف القيود التي قد تعيق تقدمها . و قد رافق ذاك السعي المستمر انبثاق أو نشوء بعض المصطلحات و المفاهيم الجديدة الرديفة لعملية التطور تلك , فعلى سبيل المثال نشأ منذ أواخر القرن الماضي و حتى أوائل هذا القرن ما نسميه كمصطلح بـ ” أمية الحاسوب ” و التي بات العمل على إزالة تأثيراتها المعيقة لتقدم الأفراد ضرورة حتمية لمختلف فئات المجتمع لتتخلص من قيود جهلها و تواكب و لو بأبسط الخطى الممكنة عملية التطور التكنولوجي و التقدم الالكتروني المعلوماتي العالمي .

فهل لاحظت يوماً وجود مصطلح آخر رديف بات العمل على إزالة تأثيراته المعيقة لنا في حاضرنا ضرورة قصوى ؟؟؟!!! إن هذا المصطلح الهام هو ما يُعرف اليوم بـاسم ” الأمية الروحية ” .. فإن كنتَ من الذين تأخروا قليلاً في ملاحظة ذلك فأنت مع هذا ستدرك بلا شك قريباً أهمية ما نتحدث عنه .

تعد الروح و الطاقة الروحية من أقوى الوجودات و الطاقات على الإطلاق في الكون , و إن الروابط الروحية هي أقوى الروابط التي تجمع بين البشر كون الروح فعَّالة درَّاكة تتجاوز المادة و تعلو و تسمو فوقها بل و هي أصلاً جوهر نشوء المادة و أساس قيامها و استمرارها تبعاً لقوانين علوم الروح الشرعية العلمية الصحيحة .

قال تعالى عن مريم بنت عمران عليها السلام : بسم الله الرحمن الرحيم :

{ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ } الأنبياء91

و قال تعالى عن تخليق سيدنا آدم عليه السلام :

بسم الله الرحمن الرحيم : { ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } السجدة9

بسم الله الرحمن الرحيم : { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ } ص72

و لذلك اهتمت الحضارات السابقة منذ سالف الأزمان – على اختلاف مذاهبها و معتقداتها الدينية (السماوية منها و الغير سماوية) من هندوس أو بوذيين أو فراعنة …و غيرهم – بمفاهيم الروح و بأداء الطقوس الروحية الخاصة . وقد نقل لنا السلف من الأنبياء و الرسل العظام من خلال الرسالات و الكتب السماوية المقدسة بعض الحقائق عن الروح و طاقاتها و أسرارها منذ القدم , إلا أن أساسات مفاهيم الروح و علومها الشرعية الصحيحة لم ترد بالشكل الأكمل و الأمثل إلا في كتاب الدين الإسلامي و هو ” القرآن الكريم ” الكتاب الأول في الكون , و جاءت السنة النبوية المحمدية الشريفة لتنقل لنا إشارات و علوم من ذاك الفهم الروحي و تُعمق إدراكنا لتلك الحقائق كما نستطيع أن نلاحظ في العديد من الأحاديث الموثقة .

قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم : { وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } النمل75

قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم : {.. مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ..} الأنعام 38

قال تعالى في كتابه الكريم : بسم الله الرحمن الرحيم : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } الإسراء85 .

و هنا نلفت النظر إلى أن الآية لا تحمل في طياتها أي أمر الهي بمنع تدارس الروح أو البحث فيها – كما يُفهَم عادةً خطأً – بل على العكس فمناسبة نزولها تثبت أن اليهود كانوا سابقاً يهتمون بالروح وعلومها بل و جاؤوا يسألون رسولنا الكريم عن معانيها و دلالاتها .

كثيرا ما ترد على الأسماع هذه الأيام عبارات مثل الطاقة الكونية – مراكز و مسارات الطاقة في الجسد – الجسم الأثيري – الخروج من الجسد – الإسقاط النجمي – التخاطريات – الأبعاد الكونية …. الخ , فهل تعلم ما هي حقائقها تماماً ؟؟! و ما هي الضوابط الصحيحة الكاملة لتلك المفاهيم تبعاً لشرعنا الإسلامي الحنيف ؟؟؟!

هل فكرت يوماً بمعرفة الطاقات الروحية الموجودة في حروف قرآننا الكريم ؟؟ أو اكتشاف الخواص الروحية أو الطاقات الفريدة التي خصك الله تعالى بها ؟؟؟ فأنت كما هو معروف اليوم كائن طاقي مستقبِل و مرسل للطاقة في الكون .

إن ديننا الإسلامي الحنيف يزخر بالروحانيات بل و هو المصدر الأساسي للعلم السليم و الشرعي لها كما ذكرنا سابقا ً , فلو أننا تعلمنا روحانياتنا الإسلامية لعززنا من جهة فهمنا و ارتباطنا و تحققنا بديننا الإسلامي و لعرفنا من جهة أخرى تفاصيل الحكمة المكنونة في صلواتنا – عباداتنا – أذكارنا .. لعرفنا روحانية الأعداد – روحانية الأشكال .. لعرفنا حقائق أنفسنا و حقائق العوالم الأخرى من حولنا .. لعرفنا مراكز توضُّع الطاقة الكونية الرئيسية و بوابات الاتصال الطاقي الكوني .. لعرفنا كيف نستجمع الطاقة الإيجابية .. و كيف نحارب بها الطاقة السلبية في الكون … بل لأدركنا حقيقةً كيف و لماذا كان الإنسان هو بحق خليفة الله تعالى على سطح الأرض .

قال الإمام علي رضي الله عنه : ( سلوني عن طرق السماوات أنا أعلم بها من طرق الأرض) .

و جاء في الحديث : ( مَن عرف نفسه عرف ربه ) .

إن الدراسات المختصة الحديثة تشير إلى أننا نتعرض لغزو ليس ثقافي وفكري فقط بل و حتى روحي مُوجَّه من قِبَل بعض التيارات الظلمانية الكبرى المتحالفة التي تسعى لفرض نظامها و سيطرتها المحكمة على عامة البشر بطريقة مدروسة و خفية متسترة بقناعات شتى من سياسة و دين و إعلام و …….. في حين أن سكان الكوكب لا زالوا إلى الآن يتخبطون في دوامات من الخبص الفكري و الروحي و الجهل العلمي الميتافيزيقي .

يقول الحكماء : ” إن كنت تعلم فتلك مصيبةٌ , و إن كنت لا تعلم فالمصيبةُ أعظمُ ” .

فافتح عينيك و لا تبقى على هامش الحقيقة , فلا سبيل لإنقاذ نفسك إلا بمحو أميتك الروحية و بناء و تدعيم ثقافتك الروحية الشرعية السليمة . كن إنساناً من سلالة بني آدم بكل ما تعنيه العبارة من معاني و حقائق و لا تبقى غارقاً في سبات الوهم الطويل و هوى النفس و شهواتها كالكثيرين فتكون ممن قال تعالى فيهم : بسم الله الرحمن الرحيم : “… لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف79 .

قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم : الم{1} ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ{2} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{3} والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ{4} أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{5} .

و صلى الله العظيم على سيدنا محمد الحبيب الهادي المهدي و على آله و صحبه أجمعين و مَن تبع هدى الحق إلى يوم الدين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى