مجلة كلمة الله تعالى

(الحجر ” روكا ” – بقلم : معالي الدكتور لواء فلازي – العدد (73

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلِّ على سيدنا محمد خير البشر, وعز العرب, وسيد ولد آدم, الكامل المكمل سيد الملائكة في الملائكة و سيد البشر في البشر وسدي الأكوان عند رب الأكوان وعلى آله وصحبه وسلم

الحجر روكا هو حجر مطور في المخبر الدولي ( مجلى الأبصار ) لأبحاث التكنوسبيريت عام 3013 , وكما مر معنا في مقالة ( ليالي القدر ) في العدد 68 فإنه واحد من أفضل خمسة مخابر في مجرة درب التبانة , أما التكنوسبيريت فهي فرع من فروع البرمجة الحرفية الكونية الروحية SULP , هذا الفرع يطبق استخدام التقنيات الآلية مع الأسرار الروحية , ويبحث هذا الاختصاص في مجالات خطيرة تفوق خيالنا في أيامنا هذه , أما في عام 3013 وبعد ازدهار حضارة النور فإن قيود التخلف العقلي الذي يعاني منه حتى علماؤنا في أيامنا هذه صارت نسياً منسيا .

الحجر روكا حجر ذكي يمكن التفاعل معه وهو بكل بساطة حجر صناعي روحاني , ليس كبيراً فيصعب حمله , ولا صغيراً فيضيع في الجيب , ولكنه بحجم متوسط يكفي الإمساك به ورميه , ولكن ما يميزه هو أنه لا يُرمى ليكسر به ضوء أو لترى انتشار أمواج الماء على سطح بيحرة ساكنة , وإنما يُرمى زمانياً …. كيف يعني زمانياً ؟

الحجارة العادية ذات رمي مكاني , بمعنى أنك إذا أمسكت حجراً ورميته فإنه ينقتل من نقطة مكانية هي حيث أنت إلى نقطة مكانية أخرى هي حيث رأس الهدف مثلاً , ولكن الحجر روكا يُرمى زمانياً , يعني أنك إذا أمسكته ورميته فإنه ينتقل من نقطة زمانية هي الزمن الذي أنت به إلى نقطة زمانية أخرى , هذا وجه من الأوجه التي تميز الحجر روكا , الوجه الآخر هو أن الحجارة ذات الرمي المكاني إذا رميتها إلى الأمام فإنها تتقدم في المكان , أما روكا فعلى العكس فأنت إذا أمسكت به ورميته إلى الأمام فإنه يرجع بالزمن إلى الخلف ويسقط في زمن ماض , ولكن لماذا تم تطوير هذا الحجر في مخابر مجلى الأبصار للتكنوسبيريت ؟

الهدف هو إيجاد وسيلة سهلة وبسيطة يمكنها التنقل في الأزمنة الماضية لاستطلاع أحداث الماضي , نعم استطلاع أحداث الماضي , لأن أهم شيء يجعل الحجر روكا ذو فائدة هو إمكانية التواصل معه صوتياً عبر أمواج نوروزمانية وإلا فما الفائدة من رمي حجر يسقط على رأس القيصر أو فرعون ثم لا نعرف عنه شيء !!!!!

المشكلة الوحيدة التي يحاول عبد الله س 13 مدير مخبر مجلى الأبصار حلها هو مسألة التحكم بزمن السقوط , فصحيح أنك إذا رميت الحجر روكا رمية خفيفة يرجع بالزمن إلى سنوات قريبة وإذا رميته رمية قوية يرجع بالزمن إلى قرون مضت ولكن المشكلة أية رمية ستأخذنا إلى عهد محدد وأية رمية ستأخذنا إلى عهد محدد آخر , وهذا ما كانت التجربة تدور حوله , وكانت المحاولات تهدف لرمي الحجر روكا إلى عصر سيدنا نوح عليه السلام تماماً بعد الفيضان :

أمسك عبد الله س 13 الحجر روكا وقال : بسم الله الرحمن الرحيم مجراها ومرساها ورمى الحجر بكل قوته , فطار الحجر مبتعداً أمام مرأى الجميع ثم إختفى في الزمان .

عبد الله س 13 : أعطيني مؤشرات النوروزمانية يا مجلى الأبصار.

مجلى الأبصار : حتى الآن الإشارة مضطربة وغير ثابتة.

عبد الله س 13 : إذن ما زال ينتقل الحجر روكا في أثير الزمان.

مجلى الأبصار : ها قد بدأت الإشارة تنتظم … ششش تن تن تن , تِيت .. تِيت .. تِيت .. تِيت .. تِيت .. تِيت .. , إنتظمت الإشارة سيدي .

عبد الله س 13 : ممتاز حولني على السماعات لنرى أين حط الحجر روكا , ألو … ألو … الحجر روكا هل تسمعني ؟

جاء الصوت من بعيد مع القليل من التشويش , وكان الجميع ينتظر بفارغ الصبر لأنهم خشو أن يقع الحجر روكا في المياه فلا يستفيدون شيئاً … ولكن الشيء الذي حصل كان مفاجأة للجميع !!!!!

الحجر روكا : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته … أهلا بالجميع.

عبد الله س 13 : كيف الأحوال عندك يا روكا.

روكا : تمام , ولله الحمد , لقد خفف الرمل من سقوطي ولم أتألم وكدت أن ارتطم بالعجل .

عبد الله س 13 : رمل ؟ بعد كل هذا الفيضان ورمل ؟

روكا : نعم أرى رملاً كثيراً , وكأنها صحراء …

عبد الله س 13 : هل يوجد أحد معك ؟ قلت أن هناك عجل !

روكا : نعم , هناك بيت بجانبي وماشية وعجل .

عبد الله س 13 : وهل يوجد بشر في البيت أو في الخارج ؟

روكا : نعم هناك رجل كبير في السن وإمرأة .

عبد الله س 13 : وهل من أحد حول البيت ؟

روكا : لا , ولكنني أرى ظل رجال قادمون من بعيد .

عبد الله س 13 : حسناً راقبهم جيداً , وانقل أوصافهم بدقة للدكتورة نور سينيه لتدلنا من لباسهم في أي عصر أنت .

روكا : لقد اقتربوا , إنهم حسان المظهر ويلبسون نفس لباس الرجل والمرأة وها أنا أرسل لكم بيانات وصفية للألبسة …

وقبل أن يتم الإرسال , قال روكا باضطراب :

يا إلهي لقد حصل شيء عجيب

عبد الله س 13 : ما ذا يا روكا ؟

روكا : لقد نظر إلي أحدهم وتبسم وكأنه يعرفني … !!!

عبد الله س 13 : مستحيل , فموجاتك لا تدركها الأذن البشرية , بدون أجهزة , ثم إن الحضارة التي تعوّد فيها الناس إحترام الحجارة والتسليم عليها هي حضارات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين !!! هل يُعقل أن يكونوا كائنات فضائية متخفية ؟

روكا : لقد حييوه بالسلام .

عبد الله س 13 : حاول أن ترى ما يحدث في الداخل وانظر إلى أي علامة تظهر لك ما إذا كان هؤلاء كائنات فضائية .

الدكتورة نور سينيه : ولكن يا دكتور عبد الله س 13 حسب البيانات التي وصلتنا من روكا فإن لباس هؤلاء الرجال متوافق تماماً مع لباس المرأة والرجل ويدل على أنهم في زمان ليس بزمان سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام .

شعر عبد الله س 13 بشيء من خيبة الأمل لعدم وصول الحجر روكا إلى زمن ما بعد الفيضان ولكن فضوله كان كبيراً في كيفية شعور هؤلاء الرجال بالحجر روكا .

روكا : لقد رحب بهم الرجل واستضافهم وعلى ما يبدوا من طريقة كلامه معهم أنه لا يعرفهم من قبل .

عبد الله س 13 : عابري سبيل إذاً .

روكا : يبدو عليهم الهدوء والوقار مثل الرجل تماماً , وهم يبتسمون , وأحدهم يسرّح شعره والآخر يحك يده و يهيء هندامه .

عبد الله س 13 : هل تستطيع أن تسمع كلامهم .

روكا : لا , ولكن يبدو على وجوه الرجال الضيوف السعادة والفرح وكأنهم يحملون خبراً ساراً لهذا الرجـ …..ل يا إلهي .

عبد الله س 13 : ماذا حصل روكا أخبرني .

روكا : لقد رمقني ذات الرجل الذي نظر إلي وهو داخل بنظرة ولوح لي بابتسام .

أدرك عبد الله س 13 أنها ليست صدفة , وأن هذا الرجل بالفعل يدرك بأن روكا حجر ليس كباقي الحجارة الأخرى حتى أنه يميزه ويحييه …

عبد الله س 13 : اثبت ولا تخف , وقل لي ما الذي يحصل الآن .

روكا بصوت مستغرب : لقد نهض الرجل كبير السن وتكلم مع المرأة العجوز في الغرفة , إن كلامه ووقوفه مليئ بالإحترام والوقار والحنان , هاهو يخرج من البيت … إنه ينظر إلى الماشية , هاهو يذهب إلى العجل … أعتقد أنه اتفق مع المرأة على أن يكرما الضيوف بعجل مطبوخ .

عبد الله س 13 : هل يوجد ما يدل على أن هؤلاء البشر ليسو بشر بل كائنات فضائية , إنظر إليهم هل يوجد أجهزة من نوع خاص أو مؤشرات لوجود مركبة فضائية ؟

روكا : لا يا سيدي إنهم لا يحملون أي جهاز ارسال ولا يبدو عليهم أنهم من حضارة أخرى , من يراهم من أهل القرية ولا يعرفهم يقول ربما كانوا من قرية مجاورة .

عبد الله س 13 : راقبهم جيداً وانظر إلى تحركاتهم .

روكا : نعم , إن وجوههم حسنة ومريح النظر إليهم , كم تمنيت لو أستطيع التسلل أكثر لأسمع ما يسعدهم وما يقولون ولكن هذا الرجل يعرف أنني أفعل ذلك .

ازداد استغراب عبد الله س 13 وشرد بأفكاره محاولاً أن يحدد أي زمان وقع فيه روكا … فلم يوقظه من شروده هذا إلا صوت روكا ينادي .

روكا : شيء غريب حصل الآن يا ربي …… لقد ظهرت علامات الخوف على الرجل كبير السن وكأنه صدم بشيء , إنه متشنج و متردد في وينظر إليهم باستغراب .

عبد الله س 13 : هل هدده الرجال ؟

روكا : لا لم يهددوه ولكنه ينظر إليهم بريبة .

عبد الله س 13 : وماذا يفعلون ؟

روكا : لا شيء يجلسون والعجل المطبوخ أمامهم وأيديهم لا تصل إليه ..

صُعق الجميع .. وفاضت أعين البعض منهم بالدمع لما ارتبطت مفردات القصة مع بعضها البعض واتضحت الصورة .

عبد الله س 13 : يا ليتك ترتمي على أحضان هذا الرجل كبير السن وتقبله عني وتسلم عليه وتقول له إن عبد الله س 13 يُقرئك السلام يا سيدنا إبراهيم .

لقد أدرك الجميع أن الحجر وقع في زمن سيدنا ابراهيم عليه أفضل الصلاة والسلام وشهد للتو حادثة زيارة الملائكة له كي تبشره بسيدنا إسحاق , ثم تنزل العذاب على قوم لوط عليه السلام :

بسم الله الرحمن الرحيم

{ وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) }

مجلى الأبصار : سيدي إن الإشارة تضعف , ويجب أن يعود روكا قبل أن نفقده .

عبد الله س 13 : حسناً أعيدوا روكا.

عاد روكا إلى زماننا هذا وآخر ما شاهده كانت ملامح المرأة العجوز المليئة بالسعادة والاستغراب والبشرى .

وما إن صار روكا في المخبر حتى نظر الجميع إلى بعضهم بصمت ولسان حالهم يقول :

إذا كانت الملائكة قد لبست لباساً وظهرت بمظهر لا يمكن أن تميزهم عن غيرهم من البشر , وتكلمت بكلام البشر , وتصرفت تصرفات البشر , حتى أن سيدنا إبراهيم عليه السلام عاملهم كما يُعامِل البشر , ورآهم المراقب بشراً , فما أدرانا أن كل من نراه اليوم في الشارع أو نتكلم معه أو نتعامل معه هم بشر وليس فيهم ملائكة ؟

 والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته من كاتب المقالة البَشَر .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى