بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
تتصارع التيارات الفكرية على سطح الكوكب في تحديد من هو صاحب الحاكمية على الآخرين ، تيارات مدارس فنية ، تيارات فكرية ، تيارات علمانية وتيارات قبليّة ، تتنافس شهوة الحكم والسطوة ومحركاتها شهوات المال والجاه والنفوذ والسيطرة وكلها شهوات فقط .
ولعل أضعف هذه التيارات ، تيار المدارس الفنية إذ لا يملك أي قوة تسانده فالطرح للنظرية ، تليها التيارات الفكرية التي تجد المال داعماً قوياً لها ثم التيارات القبلية مرتكزة على التعصب الأعمى والطائفية ، أما التيارات العلمانية فهي تقوم على استغلال وسحق الغير .
في كل هذا الصراع يتفق كل التيارات على أنه لا دور للدين ولا مكان له ، محاولين طمس الحقيقة بحجج قديمة بالية وواهية ، ليس لها أي أساس .
وقد رأينا على مر التاريخ أن الحاكمية الحقة لا تكون إلا لله تعالى ، ومن ثم خليفته على الأرض ، خليفة الله تعالى هو الحاكم المفوض بإدارة شؤون الكوكب ، متلقياً أوامره مباشرة من الحق ومؤيد بالقدرة ، ولا يكون ذلك إلا بالعلم .
قال تعالى : { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } التوبة {32}.
وقد رأينا أمثلة كثيرة من خلال التاريخ سواءً القديم أو الحديث ، ففي القديم حكم فرعون مصر وكان أعلم أهل عصره ، وحكم الملوك مؤيدين من الآلهة ، وحكم الرهبان بإسم الإله وبلباس العلم .
أما في التاريخ الإسلامي فقد رأينا العز بن عبد السلام يبيع السلطان في المزاد ، ورأينا هارون الرشيد يرجوا القاضي أبو يوسف ، ورأينا العلماء القضاة يقودون الأمة في سلمها وفي حروبها والمصيرية منها كما في معركة حطين ، وعين جالوت وغيرها الكثير .
في الوقت الذي كان الخليفة لا ينفصل عن العلم ، فهو مأدب عل أيدي أفضل العلماء ويجالس العلماء ويدعم العلم وضالته الحكمة .