مجلة كلمة الله تعالى

(المخلوطة المغلوطة – بقلم : معالي الدكتور لواء فلازي – العدد (62

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد المرسل إلينا بعقيدة التوحيد , والمنحاش إليه كل محب وصادق وعلى آله وصحبه أجمعين

 

المخلوطة عبارة عن طبق من الأطباق الشامية ( بلاد الشام ) , تتكون من الرز والعدس المسلوقان ثم يطحنان مع بعض ويضاف لهما التوابل والبصل فتحصل على طبق حساء لذيذ وسميك اسمه المخلوطة , وباتت المخلوطة مثال يطلق على كل ما يتم خلطه بدون احترام للمعايير , حيث تتوه معالم ما تم خلطه سواء من الأطعمة , أو حتى الأفكار , ولكنني لم أكن أتوقع أن تمتد شهرة المخلوطة إلى مثالنا في هذه المقالة , أتمنى لكم مخلوطة لذيذة.

قال العدس للرز قبل تحضير طبق المخلوطة : أهلا بالرز وسهلاً , هل تعرف بالرغم من اختلاف خصائصنا إلا أننا نتعاون لإعطاء صحن المخلوطة خصائصها وميزاتها.

الرز : نعم , فأنت غني بالحديد وأنا غني بالنشويات .

العدس : نعم , ولا تكون المخلوطة إلا إذا كنا فيها نحن الاثنين معاً.

الرز : هل تعرف أيها العدس , أحيانا تخطر لي أفكار رزية وأتعجب كيف باجتماع شيئين مختلفين ينتج شيء جديد .

العدس : عدساً لما تقول , لم أفهم تماماً.

الرز : نحن قبل تحضير طبق المخلوطة نكون رزاً وعدساً , أما بعد تحضير طبق المخلوطة فنصبح مخلوطة , ولا يمكنك تمييزي عنك في طبق المخلوطة كما نفعل الآن.

العدس : فعلا , معك حق , لهذا اسمها مخلوطة , ولكن يبقى الناس يقولون أن المخلوطة فيها رز وعدس.

الرز : ولكنهم لا يقولون اطبخوا لنا رز وعدس وإنما يقولون اطبخوا لنا المخلوطة , فصار لها مسمى آخر , ولهذا أصبح لها كيان جديد.

العدس : نعم بالفعل , ولكنني أتساءل بعد هذا الكلام الرزيز كيف أن من البشر من يدعون إلى وحدة الأديان.

الرز : وما دخل هذا بذاك.

العدس : إنهم يدعون إلى وحدة الأديان فيخلطون الأديان ويطحنوها مع بعض ليجعلوها شيئاً واحداً , وكما قلت فإن هذه ليست وحدة أديان بل مخلوطة أديان.

الرز : يعتبرون أن وحدة الأديان تكون بجعلها متساوية وواحدة ليقبل أحدها الآخر , وهم لم ينتبهوا أنهم بهذا المساواة الموهومة إنما أوجدوا كياناً جديداً يختلف كلياً عن الأديان مأخوذة كل على حدى.

العدس : وهذا الكلام خطير لأن الناتج لا ينتمي لأي من الأديان الممزوجة , فهو حتماً باطل.

الرز : مع أنهم يقعون تماماً فيما احترزوا منه , وفضحوا نواياهم.

العدس : وكيف ذلك ؟

الرز : إنهم يدّعون أنهم ليسوا متعصبين , فيتظاهرون بوحدة الأديان , وهم بذلك يعلنون عصبيتهم فهم لا يستطيعون أن يقبلوا الآخر إلا إذا كانوا معه شيئا واحداً , أليست هذه عين العصبية وعدم تقبل الآخر.

العدس : وكيف ترى وحدة الأديان إذا أيها الرز.

الرز : لا يوجد شيء اسمه وحدة أديان , فالإسلام ليس بالنصرانية وليست النصرانية باليهودية وليست أحداها الآخر , وليس من الصواب أن نضع القرءان مع الإنجيل والتوراة ونرسم مئذنة مع قبة كنيسة ونضع الهلال مع الصليب كي نعبر عن وحدة أديان , هذه ليست وحدة أديان هذه مخلوطة أديان.

العدس : وكيف لا تدعي بأنك متعصب.

الرز : لا يوجد عقيدة بدون التعصب لها و الانحياش بالكليّة إلى هذه العقيدة , وإلا فلماذا سميت عقيدة , ولكن التعصب للعقيدة يلزمني أيضا بقبول الآخر كما هو , لا باخضاعه لشروط ومواصفات جديدة مشتركة كي أقبله.

العدس : جميل هذا الكلام , إذا فأنت على تعصبك لعقيدتك تتقبل الآخر كما هو.

الرز : نعم , عقيدتي هي الصحيحة , وللآخرين حريتهم في اختيار العقيدة التي يرونها مناسبة، فأنا رز وأنت عدس وليس الرز كالعدس , ولكن لا يمكن الطبخ فقط بالعدس أو بالرز يجب أن يتوفر الاثنان.

هذا هو التوحيد في الدين وليس ما يسمونه وحدة الأديان.

العدس : فلماذا إذا ظهر هذا المصطلح.

الرز : لكي يصنعوا صحن المخلوطة أيها العدس.

 

ضحك العدس والرز وحمدا الله تعالى أن جعلهما من مكونات مخلوطة الطبخ ولم يجعلهما من دعاة مخلوطة الأديان.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى