مجلة كلمة الله تعالى

(الموت بسلام – بقلم : الدكتورة نور ميري – العدد (80

بسم الله الرحمن الرحيم

و الحمد لله رب العالمين .. مَن كلٌ شيءٍ فانٍ إلا وجهه الكريم .. و الصلاة و السلام على سيدنا محمد خير البشر و خاتم الأنبياء و المرسلين و على آله و صحبه أجمعين

 

من الشعارات التي تُدمي القلوب و التي نسمعها اليوم في سوريا الحبيبة , و في بعض بلدان الربيع العربي كما يُسمونها , و ربما في غيرها من بلدان العالم حيث الإسلام اليوم مُتعَب و أهله مضطهدون و الجلادون كثيرون و متأهبون شعار ( دعونا نموت بسلام ) .. هذا الشعار الذي أصبحت حروفه مَطْلَب يُشاهد على أرض الواقع و حقيقة تُعاش بين الكثيرين من الناس .

 فاليوم و بنتيجة التوترات الراهنة و الأحداث العالمية السائدة أدركت الناس أكثر من ذي قبل قيمة ما يلي :

 أن يموت الإنسان بسلام … من دون تعذيب مُسبق .. أو اضطهاد مُشين .. أو تلفيقة سياسية أو تهمة اجتماعية كاذبة تُشوِّه سمعته .. أو دون خطف أو ابتزاز و ما شابه .. ضمن سيناريوهات عديدة قديمة معروفة أو جديدة متنوعة أبدعها جلادو الحاضر اليوم عن غير سابق عهد ..يكون الموت فيها هو نهاية المطاف .. لكن كحق من الحقوق التي لا تُمنح لك بسهولة .

أن يموت الإنسان بسلام .. وأهله حوله أو أحباؤه بقربه يواسونه في لحظاته الأخيرة و يُخففون عنه ما يجد و يقاسي من ألم كرب الموت .

 أن يموت الإنسان بسلام .. و تُقام له مراسم الغسل و التكفين و الجنازة و الدفن الشرعي على أصولها .. من غير أن يمنع ذلك قصف طيران أو انسداد طريق مروري أو حاجز أمني او مُتحجِّر قلب بشري .. فحتى الأموات لم تَسلَم من توابع القلاقل المعاصرة , و لم يعد تطبيق الواجب المتعارف عليه حول ( إكرام الميت دفنه ) بالسهولة التي كان عليها .. فكم من الناس الذين غسّلوا ميت عزيز بأيديهم ثم تنفسَوا الصعداء بعد أن واروا جثته في التراب بسلام .. ربما في حديقة ما أو عتبة طريق أرض مجهولة .. قبل أن يبلى جسده أو يُمثَّل بجثمانه أو تُسرق أعضاؤه أو تُستغَل جثته الميتة لأغراض التعذيب في السجون و المعتقلات و العياذ بالله .. و ما خفي كان أعظم .

و لسنا ننقل هنا هذه الكلمات ليتشاءم الناس أو تفتر عزائمهم فإن الموت قدر لا مفر منه و إن لله سبحانه و تعالى رحمات عامة و خاصة يرحم بها عباده المؤمنين المخلصين وقتما يشاء و كيفما يشاء .. و لكننا نخبر عن حقائق واقعة لتحترز منها .. و نُذكّرك لتذكُر فضل الله عليك و إكرامه لك أن سلَّمك أو سلَّم أهلك أو أحبابك من شرور ما قد سبق ذكره .. و لتُقبل أكثر على الله تعالى .. و لتدعو لنفسك و لغيرك من إخوانك المسلمين بالرحمة و اللطف في الحياة و الممات ..

روى أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ” أكثروا من ذكر الموت فإنه يُمَحِّص الذنوب و يُزَهِّد في الدنيا ” .

و قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى : ” أكثر ذكرَ الموت , فإن كنت واسع العيش ضيَّقه عليك , و إن كنت ضيِّق العيش وسَّعه عليك ” .

 نسأل الله تعالى أن يغفر لنا و يرحمنا برحمته العظمى و يُسلَّمنا و أمة محمّد عليه الصلاة و السلام من الشرور أحياءً و أمواتاً .. و أن يُحسن خاتمتنا فإن البقاء لله وحده و إنا لله و إنا إليه راجعون

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى