مجلة كلمة الله تعالى

(أشهد أن لا إله إلا الله – بقلم : الدكتورة منى حمادي – العدد (61

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على حبيبي حبيب رب العالمين محمد محيي

القلوب بنورالشهود .. وساقي الأرواح من غيث إحسان الجود .. السر الساري

بإمداد الرب المعبود.

الحمد لله رب العالمين أن خلقنا وجعلنا مسلمين فأدخَلَنا في فَلَك أن ( لاإله إلا هو ) ومنحنا الكون بأكمله لنشهد أن ( لا إله إلا الله) ..هذه الحروف التي جعلها مفتاح الدخول إلى دين الإسلام …

فمنذ بدء اذونات الرحمن العليم بإجازتنا للتعلم والمعرفة عنه في هذا الكون تتفاوت القدرات ببث تعاليم الدين بشروحات متباينة حول حقيقة أن مراتب الدين تنطلق من الإسلام إلى الإيمان للشهود بإحسان ..

وإن أولى معارف ديننا الحنيف أن أركان الإسلام هي :

شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله , وإقامة الصلاة , وإيتاء الزكاة , وصوم رمضان , وحج البيت من استطاع إليه سبيلا .

و تعريف الركن : ماهو داخل في ماهية الشيئ ولايقوم الشيئ إلا به .

 ومن هنا نجد أن لا قيام للإسلام في قلب المسلم دون اكتمال هذه الأركان وقيامها في ذاته القيام الحقيقي مانحة إياه حقيقته وجوهرهويته الإسلامية فلنتفكر في الركن الأول … حقيقة شهادة أن ( لا إله إلا الله ) هل حقاً أننا نشهد أن لا إلله إلا الله ؟ وكيف نشهد ذلك ؟

شهادة أن لاإله إلا الله أنه هو الإله الواحد الأحد قولاً باللسان وتصديقاً بالجنان وعملاً بالعلم عنها تلبية لقوله عز وجل ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) فمعنى ( لا إله) هو نفي لكل مايُعبد من دون الله تعالى ..

ومعنى ( إلا الله) هو إثبات العبادة لله وحده لا شريك له .. فلامعبود بحق إلاه, و نفي الألوهية عن كل ماسواه ( ألا كل ماخلا الله باطل ) تحققاً بأن العبودية له وحده ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) بمعرفة ثبوت الأحدية وبالتالي فإن التوجه إلى الأغيار تعلقاً وانقياداً وجعلهم أرباباً وآلهة ماهو إلا شرك جلي وإن أنكر العبد حقيقته التي هو عليها.

قال حبيبي عزوجل ( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً ) الفرقان43

فمن اتخذ غير الله هوى له ولم يشهد أن لا إله إلا (هو) يهواه … أصبح عبداً للهوى وفي جحيم الشرك هوى ..

 قال الحبيب صلى الله عليه وآله وصحبه و سلم : ( تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة واذا شيك فلا انتقش )

فمن كان عبداً لما ذُكِرفقد جعل لله شريكاً وكانت شهادته (لفظاً) بالتوحيد رداً عليه ..

 وقد ورد عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال : ( لا إله الا الله كلمة عظيمة كريمة على الله تعالى من قالها مخلصاً استوجب الجنة ومن قالها كاذباً عصمت ماله ودمه وكان مصيره الى النار ) .

 وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَل ! قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ : يَا مُعَاذ ُ.

قَالَ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثَلَاثًا.

قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّار .

قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا ؟

قَالَ : إِذًا يَتَّكِلُوا . ( وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ ) .

‎‎ فاشترط في نجاة من قال هذه الكلمة أن يقولها صادقاً مخلصاً من قلبه .

روى الترمذي عن الأغر أبي سلم قال: أشهد على أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما , أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال : ( منَ قال لا إله إلا الله والله أكبر , صدَقه ربه وقال : لا إله إلا أنا وأنا أكبر, وإذا قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له , قال الله : لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي …. )

ومن المعلوم أنَ العبد إذا صدَقه ربه كان في ديوان الصادقين .

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : (هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) وقال :هل تدرون ماقال ربكم ؟ . قالوا : الله ورسوله أعلم , قال: يقول : هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة ؟

ولايقتصر الأمر على معرفة حقيقة أن مَنْ نطق بشهادة أن ( لا إله إلا الله ) لفظاً ولم يكن شاهداً بحق فإنه لم يحقق أول وأهم ركن من أركان الإسلام , بل الخطورة تكمن في أنه كاذب بشهادته وممقوتٌ عند رب العالمين ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) الصف2-3

ومَن لم يُقم أركان الإسلام بالمعرفة روحاً وذاتاً , كيف له أن ينتسب ويرتقي إلى مقام الإيمان ؟ أويظن أنه معني بخطاب الله تعالى للمؤمنين في كتابه الكريم ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ …) وهو لم يتجاوزبعد مقام الإسلام , بل ولم يعِ حقيقته بوجوب القيام به ..

وبالتالي لايمكنه الإدعاء بالوصول بحال من الأحوال إلى مقام الإحسان المبني على ركن واحد فقط بل حقيقة واحدة لا تتجزأ وهو (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ).

وإذا كان وجوب بدء الحياة الأولى مع التوحيد أن لا إله إلا الله فإن أفضل خاتمة لهذه الحياة أن تكون على التوحيد لحديث الحبيب صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ) وذلك بمعرفته الخالصة لذلك ..

فما بين الأول والآخر شهود تلك الحقيقة ..ودون ذلك الشهود لاوجود لأول وآخر لم يُبنَ على حقيقة المشهود ..

( لا إله إلا الله) لا تتوجه الأرواح لسواه .. ولانرى في الكون إلاه ..

وحين نرى الموجودات التي تقر بوحدانيته نشهده من ورائها محيط ..

وأنه ثابت الوجود وما سواه مفقود ..

وأنه الحقيقة الوحيدة في الكون وكل الموجودات وهم محض بكل لون .

وأنه الحي وكل حياة في الموجودات من سريان روح اسمه الحي ..

وأنه القيوم ..فكل قيومية في الكائنات من اسمه القيوم جل وعلا ..

وأنه الشكور فكل شكر نتوجه به إلى تعيين من تعييناته إنما هو شكر خالص له ..

وأنه البديع والجميل والحبيب والودود والمجيب والقريب والوهاب ووو ..

وأنه الملك الجبار المنتقم المانع وهو القاهر فوق عباده …

وأنه الله الأحد الفرد الصمد فإليه تصمد كل الوجوه بأنه لا إله إلا هو ..

اللهم اجعلنا شاهدين أن ( لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك وحبيبك ورسولك )

واجعلنا قائمين في شهودك وثبتنا عليه .. آمين يارب العالمين

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل

والحمدلله رب العالمين

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى