مجلة كلمة الله تعالى

(حقيقة وجود المخلوقات الفضائية (3) – بقلم : الدكتورة منى حمادي – العدد (70

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على حبيبي خاتم الأنبياء وأكرم أهل الأرض والسماء , صلاة تملأ شمسها جميع الكائنات وتعطر بطيب أريجها سائر الموجودات وعلى آله وصحبه وسلم

3- السماوات السبع والأراضين السبع

لقد خلق الله تعالى الكون على الكمال والتكامل , فكان كل أمر كامل بذاته متكامل مع ملازمه .. وكان كمال كل سماء خاص بها ويختلف عن كمال غيرها من السماوات والأوامر المتنزلة إليها ( وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا ) .. فكانت ( السَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ ) و( السَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ ) و ( السَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ ) وباقي السماوات بخصوصياتها التي تؤكد خصوصية العوالم الموجودة فيها والتي هي في حال تواصل دائم مع الكائنات الأرضية لوجود الترابط والتكامل بين السماء والأرض وما بينهما ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ) ص 27 .. وقد عرَفنا الله تعالى أن الكون بأكمله في حال نكاح دائم بخصوصية التزاوج ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) الذاريات49 .. ومنها كان التعبيرالروحي التكاملي ( سماء الروح وأرض البدن ) .. ولما كانت السماوات سبع , كانت الأراضين سبع لقوله عز وجل : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ) الطلاق12 فكانت العلة من خلق السموات والأراضين وتنزل الأوامر الإلهية بينهن وعلى محلات التنزُل و بهذه القدرة العظيمة إنما هي العلم عن القدرة الإلهية وقوة الإحاطة العلمية الإلهية .. أما عن تفسير هذه الآية الكريمة فقد ورد في صحيح البخاري عن سعيد بن زيد رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يقول : ( أما عن تفسير الآية : أي أن هناك سبعة أراضي وليست الأرض التي نعيش عليها فقط ولكل أرض سماء ) .

وهذا يضيئ جانب من فهم الآية الكريمة ( فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ) فلكل أرض مشرق ومغرب باختلاف مواقعها الكونية .. وكذلك ما روى بُريدة رضي الله تعالى عنه : عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ( إذا أويتَ إلى فراشك فقل : اللهم رب السماوات السبع وما أظلتْ , ورب الأراضين السبع وما أقلَتْ .. ) رواه الترمذي .

وقد جاء عن إبن عباس رضي الله تعالى عنه أنه قال في تفسير هذه الآية : ( لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم , وكفركم تكذيبكم بها ) .. وهذا ما نلحظه ممن تُطرَح عليهم فكرة الموجودات والكائنات الغير معلومة لديهم فيكذبوا آيات الله تعالى غير عابئين أنهم يكفرون بها .. وإن وجود سبع أراضي , وتواجدنا على إحداها .. يؤكد أن العوالم والمخلوقات اللامتناهية الموجودة على كل أرض متماثلة مع ماهو موجود على الأراضي الأخرى , لكون أمر التماثل محسوماً بالقول الإلهي (مِثْلَهُنَّ ) وهذا ما يُطلَق عليه ( العوالم الموازية ) .. ذلك أن ( مثل ) تفيد معنى التطابق والتوازي بين كائنات معينة بنوعها وخاصيتها وكل ما هي عليه ..

إلا أن التماثل لايعني التكرار بحال من الأحوال .. إذ لاتكرار في التجليات الإلهية وإنما تميزات وتمايزات بقدرة بديع السماوات والأرض الذي ( أَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا ) فكانت سبع سماوات مختلفة في الأوامر المتنزلة إليها ومنها , وكذلك في كل أرض لإرتباط كل سماء بأرض معينة .. وهذا ما يتوجب علينا معرفته للتعرف على كل تلك الكائنات ومدى علاقتنا بها ..

وماجاء ذكر الأراضي السبع في موضوع الكائنات الفضائية إلا من أجل التوقف ومعرفة مدى التصديق بوجود هذه الأراضي ومَن عليهن .. فمَن ينكر وجود الكائنات الأرضية بالنص القرآني .. كيف له أن يستوعب وجود الكائنات الفضائية ؟؟!!

ونبقى في فكرة التماثل الواردة في الخطاب القرآني : ( نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ ) الواقعة 60 – 61

( نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً ) الإنسان28

إذ نجد حقيقة وجود أمثال للمخاطَبين وإظهار المشيئة الربانية بتبديلهم بهم وليس إمكانية خلق أمثال لهم .. حتى وإن بقي العقل متسائلاً عن مكان وجودهم ومعيار التبديل والإنشاء في ذاك الغيب !!

وإذا كان من عجائب القدرة الإلهية تماثل الكائنات في مواقع محددة , فإن الأكثر عجباً هي إظهار قدرة الله تعالى على استبدال أقوام بآخرين مختلفين عنهم إختلافاً كلياً ( وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) محمد38

فهذا دليل آخر على وجود مخلوقات لا تماثل الكائنات البشرية بل وتختلف عنها .. قد تُستبدَل بها لكونها الأفضل منها !! وفي هذا السياق يدلنا المفكر الإسلامي العلاَمة الدمشقي سماحة الشيخ د .هانيبال يوسف حرب حفظه الله تعالى على أن : ( الإنسان هو في أعلى سلم الدرجات في التطور الحياتي في الكون ولكنه ليس الأفضل.. بل هناك تفاضلات بمعايير معينة .. ) وإن قوله تعالى : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) الإسراء70 يؤكد وجود كثرة المخلوقات الغير آدمية وأن الآدميين ( ممن خلق ) فهي تشير إلى أنه فضلهم على كثير وليس على الكل ..

ويستمر الجدال الأزلي في قصور شهود قدرته تعالى على الخلق ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ ) يس70

لذلك كان من أكبر الأخطاء التي يقع بها المشككون بوجود مخلوقات فضائية أنهم يعتبرون أن عدم إمكانية قيام حياة في كواكب وأماكن أخرى يستطيع الإنسان أن يعيش عليها دليلاً على إنعدام أو عدم إمكانية الحياة فيها , متجاهلين أن طبيعة هذه المخلوقات قد تكون مختلفة إختلافاً كلياً عن الطبيعة الآدمية أو الإنسانية ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ) المؤمنون12.
فتكيَف مع طبيعة الأرض , أما مَن خلقه من طبيعة أخرى فقد تكيَف مع طبيعة ماهو موجود فيه وعليه : ( سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ) يس36

ويبقى شهود الخالق في مخلوقاته وقدرة خالقيته للمهتدين دون غيرهم : ( مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ) الكهف51

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل

والحمدلله رب العالمين

يتبــــــــــــــــــــــع في العدد القادم إن شاء الله تعالى ….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى