قال تعالى : {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } المائدة63
و جاء في تفاسير و شروح السلف الصالح و العارفين :
في التفسير الميسر عن آية ” كونوا ربانيين ” : ( أي كونوا حكماء فقهاء علماء بما كنتم تُعَلِّمونه غيركم من وحي الله تعالى, وبما تدرسونه منه حفظًا وعلمًا وفقهًا ) .
( عن مجاهد : ولكن كونوا ربانيين ، قال : ” كونوا : فقهاء علماء حكماء ” ) تفسير مجاهد .
( عن ابن عباس ، كونوا ربانيين قال : حلماء علماء حكماء ، قال : أبو محمد : وروي عن أبي رزين : علماء حلماء ) تفسير ابن أبي حاتم .
(عن سعيد بن جبير ، قوله : كونوا ربانيين قال : ” حكماء أتقياء ” ) جامع البيان في تفسير القرآن للطبري .
( عن الضحاّك في قوله تعالى : كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب قال : ” حق على كل من تعلم القرآن أن يكون فقيها ” ) جامع بيان العلم .
( سألت الحسن عن قوله : ولكن كونوا ربانيين يقول : كونوا أهل عبادة وأهل تقوى لله ) تفسير ابن أبي حاتم .
وقال الإمام البغوي رحمه الله تعالى : ( قال سعيد بن جبير : العالم الذي يعمل بعلمه، .. وقيل: الرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره، وقال عطاء: علماء حكماء نُصحاء لله في خلقه، قال أبو عبيدة: سمعت رجلا عالمًا يقول: الرباني العالم بالحلال والحرام والأمر والنهي، (5) العالم بأنباء الأمة (6) ما كان وما يكون، وقيل: الربانيون فوق الأحبار، والأحبار: العلماء، والربانيون: الذين جمعوا مع العلم البصارة بسياسة الناس … وقال المبرد: هم أرباب العلم سُموا به لأنهم يربون العلم ) .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى ) : وهل الربانية إلا تعلم وتعليم وعمل، وكل ذلك يحتاج لصبر ومصابرة ( .
و جاء عن البعض في آراء متنوعة :
( ربانيون ، أي منسوبونَ إلى الرب ، و قد ذكره ابن الأنباري عن النحويين ) .
( هو العالم بدين الرب، الذي يعمل بعلمه ) .
( رباني , و هو من كان عبدا لله خالصا لوجهه ) .
( العامل الحكيم المعلّم لغيره الذي يوجه قلوب الخلق إلى الحق لا إلى نفسه ) .
كـــن ربـــانــي :
تباعاً لما سبق و انطلاقاُ من أمره تعالى : ( كونوا ربانيين ) فإن علينا :
أن نبذل كل الجهد لتحصيل هذه المنزلة الرفيعة بأن نكون علماء بالله تعالى و بعلوم الربّ و ذلك بالعمل على تعلم العلوم ( الشرعية التكليفية و التشريفية ) فإن في ذلك منتهى الشرف بين يدي الله تعالى .
أن نتخلق بأخلاق الرب تعالى الكريمة و صفاته السميّة لأننا عبيده والعبد يكون على أوصاف سيده , يقول فضيلة المفكر الإسلامي و العارف بالله تعالى هانيبال يوسف حرب : ” فكونه رب كريم كان على العبد أن يكون كريما ، وكونه رب صبور كان على العبد أن يكون صبورا ، وكونه رب لطيف كان على العبد أن يكون لطيفا ، وكونه رب الأرباب كان على العباد أن يكونوا ربانيين منسوبين إلى ربهم العظيم ”
و قال : ” عليك أن تكون رباني الأخلاق رباني الوصف رباني السلوك ” .
فاسعى لتكون رباني و افنى عن نفسك لتبقى به تعالى … تحقق و اعمل لتكون على اخلاقه فيحبك الرب تعالى و يكون سمعك وبصرك الذي تبصر به .
قال تعالى في الحديث القدسي : (.. فإذا أحببتُه : كنتُ سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها .. ) صحيح البخاري .
و صلى الله العظيم على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين خير من تحققوا فكانوا بالربانيّة راضين مرضيّن .