مجلة كلمة الله تعالى

(لي وليّ – بقلم : الدكتورة منى حمادي – العدد (65

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد وليّ الأصفياء ووجهة قلب الأتقياء و حجرة فؤاد الأولياء وعلى آله وصحبه وسلم

إن أول واجبات المكلّف هي ( معرفة الله عز وجل ) ولا تكون معرفة الله إلا عن طريق العارف بالله الذي تقرَب من الله تعالى بخصوصية حب وصدق وتسليم فاتخذه ولياً وعلَمه وعرَفه من جود بحر العرفان .. ( ما اتخذ الله ولياً جاهلاً ولو اتخذه لعلَمه ).

فكان حقاً على المكلّف أن يلزم معرفة الله من العارفين به ليؤدي أول واجباته تجاه رب العالمين , وبالتالي كان لزاماً عليه معرفة قيمة ومكانة الولي وخصوصيته ..

فالولي ظل الله في أرضه و خليفته ارتضاه الله تعالى أن يكون القائم به له .. صدق الله وأخلص له , نصر الله فكان الله ناصراً له , تقرَب إلى الله فقرَبه وكان أخص خاصته ..

علَمه وعرَفه وأشهده .. فكان الشاهد المشهود .. القائم بالله له , ليس له من حظ نفسه شيئاً , نوره دليل عليه وهو نور الحق الذي يشرق في ذاته .. شمس متوهجة يراها بصر المبصرين وتشهدها بصيرة المتبصرين.. حقيقة لا تخفى على أحد وتوهج نوراني لمن تبع النور واحتراق حقاني لمن نفر بظلمته منه..

وقد ورد في الحديث الشريف : حدثنا أحمد بن يعقوب المعدل ، حدثنا الحسن بن علوية ، حدثنا إسماعيل بن عيسى ، حدثنا الهياج بن بسطام ، عن مسعر بن كدام ، عن بكير بن الأخنس ، عن سعيد – رضي الله عنه – قال : سئل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من أولياء الله ؟ قال : ” الذين إذا رؤوا ذكر الله عز وجل ” .

لهم ظاهر عبدي وباطن رباني ظاهر وضاء , وباطن مشرق بضياء .. قائمين بالله باقين به, وهو من ورائهم محيط ..

أسرارهم مع الله تعالى.. وقد ينحجب الإنسان بظاهرهم لعدم فهمه عنهم ..

وسرهم في خصوصيتهم بتجاوز بشريتهم, لذلك فإن فضيلة الشيخ الدكتور (هانيبال يوسف حرب ) قدس الله سره وحفظه كثيراً ما يدعو : ( اللهم لا تخيبني في أصحابي و لا تحجبهم ببشريتي عن خصوصيتي ).

فما قام ولي إلا بإذن الله تعالى و ما كان إلا به ..

لذلك كان لأولياء الله تلك الخصوصية عنده تعالى, يحب من يحبونهم لأنهم يحبون بهم له

و يعادي من يعاديهم فما عادوا بعدائهم للأولياء إلا الله تعالى وقد ورد في الحديث القدسي

( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب …)

لقد نسبه له, بجعْلِه من خاصته, فهو من تحقق بالحب فنال القرب ..

ومن يعادي من خصَه الله تعالى بحبه فهو يعادي الله جهاراً ..

وكان حقاً على الله أن يحاربه كيفما شاء , ومَن حاربه الله تعالى قصمه ..

(يا أوليائي جزائي لكم أفضل الجزاء ، وعطائي لكم أجزل العطاء ، وبذلي لكم أفضل البذل، وفضلي عليكم أكثر الفضل ، ومعاملتي لكم أوفى المعاملة ، ومطالبتي لكم أشد المطالبة أنا مجتني القلوب ، وأنا علام الغيوب ، وأنا مراقب الحركات ، وأنا ملاحظ اللحظات ، أنا المشرف على الخواطر ، أنا العالم بمجال الفكر ، فكونوا دعاة إلي ، لا يفزعكم ذو سلطان سوائي ، فمن عاداكم عاديته ، ومن والاكم واليته ، ومن آذاكم أهلكته ، ومن أحسن إليكم جازيته ، ومن هجركم قليته).

( فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ ) محمد21

فمَن صدق الله ورسوله و أحسن ظنه بالله وأوليائه لوجدهم أقرب إليه برؤياهم بعين بصيرته.

ومن جهل شيئاً عاداه .. فكيف بمن استهدفه شيطان النفس والهوى لإقصائه عن طريق الله تعالى وأوليائه الذين هم ظل الله في أرضه وخلفاء له ؟

فقد غدونا نرى شراسة العداء للأولياء من كل حدب و صوب.. عداء ظاهراً باطناً, سراً وعلناً سيراً، على خطى أولياء الشيطان و ما يزينون للمعادي بعدائه لأحباء الله.

فالمعادون لأولياء الله تعالى إنما يعادون:

*علم الشرائع والحقائق والدقائق .. والعلم اللدني الذي اختصهم الله به وأفاض عليهم من حضرته

ومعارفه ما تنوء عقول الجاهلين عن فهمه وتقبُل أسراره ..فما يكون منهم إلا العداء السقيم .

*ويعادون الحب الإلهي الذي تجلى الله به عليهم.. فمَن رآهم أحبهم وحدَث بحبهم, وما رأى إلا حب الله بهم فانجذب للنور, ومن عاداهم كفر بهذا الحب وكذَب وافترى وادعى..

*يعادون الرحمة المحمّدية التي بطنت وظهرت بأكمل وجوهها في الولي ..

عداء وتشجيع على المعاداة وطعن بالأولياء .. متناسين أن {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }يونس62

و غاب عنهم أن الله تعالى هو الناصر لأوليائه وهو الذي صبغهم بصبغته حين منحهم اسمه الذاتي ( الولي ) و إذا أراد أن تكون النصرة بأيدي أعداء الدين أنفسهم وهم لا يشعرون فلا راد لإرادته..

ولعل أشقى إنسان على وجه الأرض هو الذي يعادي أولياء الله لأنه يعادي الله تعالى بهم , والله تعالى هو الناصر المنتصر ..

و كم شهدنا صوراً لانتقام الله تعالى لأوليائه ممن عادوهم وكادوا لهم..

فلينتظر كل معاد لله وأوليائه طريقة ووجه انتقام الله تعالى منه وعجائب قدرته فيه..

{يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} التوبة32

و لو كره الكافرون… و لو كره الكافرون..

 

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل

و الحمد لله رب العالمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى