مجلة كلمة الله تعالى

(حقيقة وجود الكائنات الفضائية – بقلم : الدكتورة منى حمادي – العدد (68

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على حبيبي خاتم الأنبياء وأكرم أهل الأرض والسماء, صلاة تملأ شمسها جميع الكائنات وتعطر بطيب أريجها سائر الموجودات وعلى آله وصحبه وسلم

– ماذا في السماوات ؟

عندما سئل أحد علماء الغرب : أليس غريباً أنكم تتحدثون عن وجود حياة خارج الأرض في الكون ؟

فأجاب على الفور : إن الغريب ألا نتحدث عن وجود مخلوقات في الكون , لأننا لسنا الوحيدين في هذا العالم ..

هذا قول أحد علماء الغرب الذين ربما لم يطلعوا على القرآن الكريم وعلى آياته العظيمة التي تؤكد هذه الحقيقة .. فهل منا نحن المسلمون مَن يجيب بهذه الثقة ويبرهن هذه الحقيقة بوجود كائنات فضائية مستنداً في قطعية إثباته إلى النص القرآني الكريم الذي ذكر خلقهم ووجودهم قاطعاً الشك باليقين لكل متسائل .. ولكن السؤال : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) محمد24

لازال حجاب العقل الظلماني يجابه في سرادقات ظلمته ويشاكس في قدرة الخالق على الخلق ، فإذا كانت قدرة الخالق أن يخلق مَن يجعل له قدرة الخلق والإحياء! ( وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) آل عمران49

أفلا تكون قدرته أن يخلق ما لا تدركه كل العقول ويحار فيه كل مٌدرِك ومُدرَك ؟ !!

في البداية لابد لنا من تعريف الفضاء : فالفضاء هو كل ماكان خارجاً عن نطاق مجال كوكب الأرض .

والمخلوقات الفضائية : هي كل المخلوقات الموجودة خارج كوكب الأرض سواء كانت في كواكب أخرى أو خارج الكواكب أو في السموات أو في الأراضين الأخرى .. فكل تلك الكائنات تعتبر فضائية بالنسبة لنا نحن سكان هذه الأرض .

لقد افتتح الله عز وجل أم الكتاب بالآية الكريمة ( الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) وهي أول وأكبر بيان على وجود عوالم كثيرة في هذا الكون.. فما هي تلك العوالم التي لا نعرف عددها ولا انتشاراتها وأين تكون؟

قال الله تعالى في كتابه العزيز: ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات56

فإذا تحدثنا بالخلق : فقد خلق الله تعالى الإنس والجن و اختصهما بعبادته .. ولم يحصر قدرته على الخالقية بهذين النوعين .. وإنما اختلفت الأسباب والغاية ..فإذا كان الله عز وجل قد خلق الجن قبل الإنس ( لأنه قدمهم في الآية الكريمة ) , فهل من الممكن أن يكون هناك مخلوقات قبل الجن وقد خلقهم لغاية أخرى ؟؟

وإذا تحدثنا بالغاية : إنما هي عبادته عز وجل , والعبادات مختلفة وكلها تهدف إلى التقرب إلى الله تعالى وطاعته بما يحب ويرضى .. ولاشك أن أرقى العبادات وأسماها هي عبادة التفكر وهي من العبادات الدقيقة والمخصوصة , وقد جاء في الخبر : ( تفكُرُ ساعةٍ خيرٌ من عبادةِ سبعين سنةً)

وعبادة التفكر لايقوم بها إلا مَن خصهم الله تعالى بآيات معينة وسعوا لذلك فاستحقوا المرتبة :

( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الجاثية13

وبالتالي فإن أولى أولويات التفكر هي معرفة قوة وقدرة التسخير الكوني الهائلة التي منحنا إياها الحق فقد سخر لنا ( مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) وهذه إشارة مباشرة أن الإنسان مادام قد سخر له مافي السموات والأرض أن يعرف مكنون ما سخر له .. وإذا بالغنا وقلنا بمعرفتنا عن كل ما في الأرض (التي نعيش عليها) ومَن فيها .. فماذا نعرف عن مكنون السماوات ؟

قال الله تعالى : ( قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ ) يونس101

وبذلك فقد فتح الباب للنظر والفهم لشهود المكوِن وتجاوز المكوَنات , فهو لم يقل – انظروا السموات والأرض – وإنما أظهر هذه العوالم وأشار لمعرفتها ليعُرَف بها ويظهر نوره فيها فيُعبَد ويُحمَد ويُظهر عظمته ومعاني أسرار ذاته ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ) الدخان38

( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ ) الحجر85

ومن المعروف أن التجليات الكونية وحقائق الوجود مقسمة إلى ثلاثة عوالم ( الملك ( الشهادة) والملكوت ( السماء والروح) والجبروت ( الغيب) ) ومن الواجب على العبد استمرار تقصي المعرفة عنها و الترقي فيها من كونه جامعاً لها في حقيقته .. مما جعله مؤهلاً ليكون خليفة الله في أرضه وحاملاً أمانته .

يقول تعالى : ( أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) الأعراف185

فحين يقول الله عز وجل بملكوت السموات وملكوت الأرض فإن لكل منهما مُلكاً منفرداً قائماً به , ومن المعروف أن الملك له خاصية التملك من الغير , فهذا دليل أكيد على وجود مالكين لملك موجود في السماوات ومتصرفون به … هذا من جهة ارتباط الملك بالملكوت.

أما لجهة ماهية الوجود فقد جاء في الآية الكريمة :

( لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }المائدة120

( أَلا إِنَّ لِلّهِ مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ ) يونس66

فذِكرُ الله تعالى ( وَمَا فِيهِنَّ ) تشير إلى وجود مخلوقات غير عاقلة ( ما ) وذكره تعالى ( مَن فِي السَّمَاوَات ) تشير إلى مخلوقات عاقلة ( مَن) وهذا ينسحب إلى وجود المخلوقات مابين السماء والأرض ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا

بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) ص27

وفي هذا رد حاسم لكل مَن يرفض هذه المعرفة ويشكك بها, فإن رفضه كفران بخلق الله تعالى ..

فهل لنا أن نتعرف ونعرف هذه الحقيقة ؟ نعم .. والدليل قوله تعالى :

( وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) النمل75

وهذه حقيقة وجوب معرفة هذه الغائبات الموجودة في السماوات والأرض طالما أنها في كتاب مبين , وليست غيباً مطلقاً ..مما أوجب علينا قراءته .

( وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) الإسراء55 فهناك من يعلم .. ولكن الله تعالى هو الأعلم .

فحريٌ بكل مسلم مؤمن أن يتروى قبل حكمه بالرفض لهذا الخلق , وأن يقرأ آيات الله تعالى في كونه ويعلم أن الأكوان تُفسَر بالقرآن وليس العكس ( خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ ) الأنبياء37

……. يتبع إن شاء الله تعالى

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل

و الحمد لله رب العالمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى