والصلاة والسلام على حبيبي وسيدي محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
لا تكاد صفحة من صفحات القرآن العظيم تخلو من آيات قدروية طاقية, وسورة الكهف هي من السور القدروية الطاقية العظيمة الشأن لما أودع فيها الله تعالى من أسرار هذه القدرة و الطاقة ،فالسورة بمجملها تتحدث عن أشخاص من أهل الله هم أصحاب قدرات خارقة يعيّن لنا الله تعالى فيها طاقاتهم و مقاماتهم الروحية و أسرارهم و هم الذين تمثلوا في أهل الكهف،و جاء فيها بيان لقدرات الولي المرشد و طاقاته في الإرشاد تمثلت في قصة موسى و الخضِر عليهما السلام ،كما استعرض الحق تعالى في هذه السورة ألوان مختلفة من القدرات و الطاقات كقدرة البقاء و الفناء، وطاقة الإشفاق و أسرارها ،و طاقة الحياة عند الخضر عليه السلام و غيرها من أسرار القدرة في مملكة الله تعالى،و إن القارئ لسورة الكهف الواقف عند المعاني اللفظية الظاهرة لا يدرك هذه الأسرار الطاقية،ففهم هذه الأسرار هو فتح رباني يفتح الله به لمن يشاء من عباده الصالحين الأتقياء من أهل الخصوص.
و جاء في فضل سورة الكهف أن من قرأها في يوم الجمعة كانت له نورا من جمعته لجمعته فقد جاء في الحديث الشريف:” إن من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين “.
و جاء في الحديث الصحيح الذي أرويه بسندي عن شيخي العارف بالله هانيبال يوسف حرب :”من قرأ الكهف من يوم الجمعة كانت له نورا إلى العرش من جمعته إلى جمعته” ،و في هذا بيان لعظم النور و الطاقة في هذه السورة العظيمة.
و دليل طاقتها موجود في السورة نفسها بأن جاء الله تعالى بأهل النور و هم أهل الكهف فأووا إلى الكهف المظلم،حتى ينبهنا الله تعالى لحقيقة ظلمانية الكهف (عالم الجسد) و طاقة النور في أهل الكهف (عالم القلب) .
فكانت هذه السورة العظيمة (( شاحن نوراني )) دورته كل سبعة أيام نشحن به يوم الجمعة ليملأ زماننا (دورة الأسبوع)،و مكاننا (إلى العرش).
و لي هنا وقفة بفهمي الخاص لروح كلمة (كهف: كـ ـهـ ـف) حيث أنه عندما أراد الفتية المؤمنين أن يكف الله تعالى عنهم أذى أهل المدينة غيبهم الله في عالم الهاء (ـهـ) الباطن و الذي جسده الكهف بماديته فتحققوا بروح (كفّ) ،فكان أن غاب الفتية في هيمنة قوة الكفاف بروح (الهاء وسط الكلمة)،ليتحققوا بكاف الكُنّيّة ( كاف أول الكلمة ) المكنونة على روح الفاء التعطيلية ( فاء آخر الكلمة ) ، فعطل عنهم أذى أهل المدينة و غيبهم في باطن الجبل.
فكان بهذا الفهم أن من طاقات سورة الكهف (( هيمنة قوة كف الأذى عن المؤمنين )).