بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على جدّي و حبيبي محمّد نبي التوحيد و قطب العارفين
و على آله و صحبه و سلم تسليما مطلقا
أحببت بمناسبة – عيد الفطر المبارك – أعاده الله تعالى علينا بالخير و الإحسان أن أهديكم بضعاً من الأسرار و الأذواق المعرفية في “سورة الكافرون” المباركة علّها تنير قبساً من أنوار معرفة الله تعالى في قلوبكم، خصصت منها – ثلاثة عشرا- بين سر و ذوق معرفي وافقت في العدد أنوار اسمه تعالى (الأحد) و هو الاسم الإلهي الذي من إمداداته حقيقة سر السورة في (التوحيد والبراءة من الشرك).
بسم الله الرحمن الرحيم
” قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ {1} لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ {2} وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ {3} وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ {4} وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ {5} لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ {6} “
1) سر: البنية الروحية للمنزلة قائمة على روح (التسديس) و ما فيه من رقائق التمام، و السورة من هذه الحقيقة تفتح للمتحقق المُحسِن أنوار تمام التوحيد.
2) سر: تعدل قراءة سورة الكافرون ربع القرآن، فقد جاء في الحديث الشريف: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه سلم : (( قل يا أيها الكافرون ربع القرآن )) وهذا حديث صحيح الإسناد ، و إن في هذه الحقيقة لجمع و حشد نورانيّ عظيم ناسب عظمة سر التوحيد فيها !! و تشير هذه الحقيقة إلى سر (التربيع) الذي يفتح للمتحقق المحسن أنوار التوازن التوحيدي.
3) سر: من أسرار منزلة الكافرون قوله تعالى:”لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ”الكافرون2، و هي التفصيل الثاني في المنزلة و الذي ناسب في العدّ حقيقة الاثنينية في المشهد و هذا من أنوار”حم”… حا (أعبد الله على التوحيد الحقانيّ)، و ميم (أي أنتم مخلوقون وماتعبدون مخلوق فانتم تعبدون الأغيار , و هذا نزول عن كمالكم العبديّ) .
4) سر: في قوله تعالى: ” لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ” الكافرون 2، (لا أعبد: فعل) حقيقتها أنني لا أعبد -في (عالم الأفعال)- إلا الله الواحد الأحد، و هذه إشارة إلى قبول أفعال التوحيد.
5) سر: في قوله تعالى: ” وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ” الكافرون 4، (لا أنا عابد: حال) حقيقتها أنني موصوف -في (عالم الصفات)- بأنني لا أعبد إلا الله الواحد الأحد، و هذه إشارة إلى قبول أوصاف التوحيد…
و بالتالي فإن:
((السورة من هذا الوجه ذات – معراج صعودي – من عالم التوحيد الأفعالي إلى عالم التوحيد الصفاتي))
6) سر: قوله تعالى: “وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ” الكافرون 3 (الأولى) و التي انبثقت أنوارها عن حقائق قوله تعالى: “لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ” الكافرون 2، هنا إشارة إلى عدم قبولكم التوحيد في (عالم الأفعال) و نزولكم عن استعدادكم الأفعاليّ الفطري لقبول التوحيد.
7) سر: أما قوله تعالى: ” وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ” الكافرون 5 ( الثانية ) و التي انبثقت أنوارها عن حقائق قوله تعالى:” وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ” الكافرون 4، فهي إشارة إلى عدم قبولكم التوحيد في (عالم الصفات) و نزولكم عن فطرة تحققكم بأوصاف الموحّدين.
فالآية الثالثة هي من أسرار عالم الأفعال ، أما الآية الخامسة فهي من أسرار عالم الصفات، و هنا نشير إلى حقيقة أنه:
((- لا تكرار في القران الكريم – و إنما لكل آية حقيقتها و معراجها ..فتنبه!!))
8) معراج: في السورة الكريمة معراج نوراني من حقائق القاف إلى حقيقة النون، من حقائق (المحيط) بكل الصور إلى حقيقة (النور) ربّ الصور.
9) ذوق: من أنوار المنزلة الكريمة الخطاب الجماعي للكافرين منها قوله تعالى:”قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ” الكافرون 1، و قوله تعالى: ” وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ” الكافرون 3، فالخطاب الجماعي ناسب حقيقة إنكار الكافرين عبودية الله الواحد فهم عابدون أغيارهم من دون الله على كثرتها.
10) ذوق: في حين جاء الخطاب الإفرادي للسان التوحيد في قوله تعالى:” لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ” الكافرون 2،” وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ” الكافرون 4، فالخطاب الإفرادي ناسب حقيقة التوحيد و أنوار الأحدية.
11) ذوق: في قوله تعالى:” لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ” الكافرون 6، … إشارة في قوله ( لكم ) على كثرة الأغيار التي تعبدونها دين واحد هو (دين الباطل) -ألا كل ما خلا الله باطل- و هو ما أسماه الله تعالى في هذه المنزلة (بدين الكافرين) الذي تندرج تحته كل صور الباطل المعبودة من دون الله الواحد، و (لي) على حقيقة توحيدي دينِ و الذي هو (دين الحق) و هو حقيقة أن لا إله إلا الله.
12) ذوق: طاقة الآية الثالثة في قوله تعالى: “وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ” الكافرون 3 (الأولى) هي طاقة تكوين ، ففيها فتح لتكوينات أفعال التوحيد، فلا يشهد المتحقق بها فعلاً إلا من الله الواحد.
13) ذوق: طاقة الآية الخامسة في قوله تعالى: “وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ” الكافرون 5 (الثانية) هي طاقة حفظ ، ففيها حفظ لرقائق التوحيد، و الثبات على شهود حقيقة “حم” .
نسألك اللهم من أنوار اسمك الأحد براءة من شهود الأغيار
و الحمد لله رب العالمين