اللهم صلّي على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد
الخطبة والزواج من السيدة الطاهرة
خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها
وجعلنا من أتباعها
عمل سيدنا محمد صلى ربي وسلّم عليه وعلى آله تسليماً لخديجة ورأت من أخلاقه وجديته وعمله ما أثلج صدرها وملأ عليها تفكيرها وجعلها تعيش مع أمل تمنت لو تحقق, إنها تناقشه أحياناً في العمل وترى الأدب الجم في نظراته وكلامه وتعبيراته فلم يترك لها مجالاً لتعرض نفسها عليه لتتزوج به .
وليس بالأمر المستنكر فالحياة مع الأمل غالباً أخف على النفس من الحقيقة المُرة والصبر حتى تنجلي الأمور أهون من التسرع في أمر ليس له بينة ووضوح .
لقد تحكمت السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها في نفسها ووقفت صامدة لترد كل من يتقدم إليها يريد الزواج منها من سادة قريش وأوصدت الباب في وجوههم وكانت عملاقة في ردها ورأيها ….
ولكن ما بالها اليوم يستولي على قلبها محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم ..
وكانت على حق فيما قدّرت وفكّرت فمحمد صلّى الله عليه وآله وسلّم جدير بكل وصف ..
قالوا في وصفه عليه صلوات الله وملائكته والمؤمنون وسلامهم أجمعين : ” إن اعتدال الجسم وتناسب أجزائه يدل على استقامة العقول والنفوس وإن المزاج النفسي يصحبه غالباً مزاج جسمي كامل يتناسق في تركيبه الظاهر والباطن فالعناصر المؤثرة كلها متناسقة منسجمة انسجاماً لا شذوذ فيه ويكون معه انسجام نفسي كامل وعقل كامل وخُلق كامل ” .
إنه حقاً لجمال مصحوب بالإشراق الروحي
ووصف هِند ابن السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها وربيب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان كما روى لنا سيدنا الإمام الحسن بن سيدنا علي رضي الله تعالى عنهما، أنه قال : سألت خالي هِند بن أبي هالة، و كان وصافا عن حلية رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم، و أنا أشتهي أن يصف لي منها شيئا أتعلق به، فقال : ” كان رسول الله صلى الله عليه و سلم، فِخماً مُفخماً ( أي : عظيما في الظاهر شدة و قوة و هيبة و جمالا و حسنا، ) يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر ( من شدة أنوار النبوة و أضواء الرسالة ) أطول من المربوع، و أقصر من المُشذّبِ ( يعني أقصر من الطويل البائن الطول ) عظيم الهامة ( الهامة بتخفيف الميم هي الرأس، و عظم الرأس المتناسب مع الجسم دليل على قوة العقل و المدارك) رَجلَ الشّعرِ ( في شعره شيء من الجعودة ) إذا انفرقت عقيقته فرقها ( يعني يمكنه أن يفرق شعر رأسه يمينا أو يسارا إذا أراد ) و إلا فلا ( يعني إذا لم ينفرق شعره لم يفرقه ) يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره, أزهر اللون ، واسع الجبين ( أي واضح الجبين و ممتده طولا و عرضا ) أزج الحواجب ( في حواجبه تقوس مع طول من طرفه و يلزم من ذلك دقة الحاجبين و سبوغهما ) سوابِغ في غير قرن ( القرن اتصال شعر الحاجبين ) بينهما عرق يدره الغضب ( اي بين حاجبيه عرق إذا غضب تحرك و ظهر جليا ) أقنى العرنين ( و هو ارتفاع أعلى الأنف ) و احديداب الوسط، له نور يعلوه ( أي يعلو هذا العرنين و هو الانف نور جميل ) يحسبه من لم يتأمله أشم ( أي يظن أنه مرتفع، و هو ارتفاع قصبة الأنف، مع الارتفاع أعلاه، و إشراف الأرنبة ) كث اللحية ( أي عظيم اللحية لكثافتها ) سهل الخدين ( غير مرتفع الخدين و هو الأكمل و الأجمل ) ضليع الفم ( أي عظيم الفم، و ليس بضيق الفم، فإن سعة الفم تعطى فصاحة في الكلام و بيانا لمخارج الألفاظ و جمالا في البسمة و الضحك، و لا شك أن كل ذلك على تناسب بين أعضاء جسمه الشريف كلها صلى الله عليه وآله و سلم ) مفلّج الأسنان ( يعني أن أسنانه الشريفة صلى الله عليه وآله وسلم ، منتظمة و منفرجة ، و ليست متراصة و متضايقة فوق بعضها البعض ) دقيق المسرُبة ( خيط لشعر الذي بين الصدر والسرة ) كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة ( الجيد هو العنق و المراد : كان عنقه صلى الله عليه و آله وسلم ، في استوائه و اعتداله و حسن هيئته و جماله، كأنه عنق دمية، و لكن منحيث اللون هو في صفاء الفضة و بياضها البهيج ) معتدل الخَلق ( يعني جميع أعضاء جسمه الشريفة صلى الله عليه وآله وسلم ، خلقها الله تعالى، كاملة متناسبة مع بعضها غير متنافرة ) بادن ( متماسك : ممتلىء الجسم ليس بالنحيل و لا بالهزيل ) سواء البطن و الصدر ( و أعضاؤه الشريفة متماسكة بقواها، و ليست متراخية أي بطنه و صدره الشريفان متساويان مستويان لا ينتأ لا يبرز أحدهما عن الآخر ) عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس ( جمع كردوس و هو رأس العظمة و مجموعها، كالركبة و المنكب و نحوهما، و المعنى أنه صلى الله عليه وآله وسلم، كان عظيم رؤوس العظام و مجامعها و قويها و ذلك يدل على كمال القوة الجسمية ) أنور المتجرد ( يعني أنور العضو المكشوف المتجرد عن الثوب، شديد بياضه ) موصول ما بين اللبة ( موصول ما بين اللبة و السرة بشعر يجري كالخط الذي يصل بينهما ) و السرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك ( أي خال الثديين و البطن من الشعر ) أشعر الذراعين و المنكبين و أعالي الصدر ( اي كثير الشعر في هذه المواضع الثلاثة ) طويل الزندين, رحب الراحة ( واسع الكف : كبرا و عظما و عطاء وجودا ) شثن الكفين و القدمين : ( ضخم الكفين و القدمين و المعنى أنه كان مرتفع الأطراف بلا احديداب و لا إنقباض ) سائل الأطراف، أو قال : شائل الاطراف, خمصان الأخمصين ( تثنية أخمص ، و أخمص القدم هو الموضع الذي لا يمس الأرض عند وطئها من وسط القدم، و معنى خمصان الأخمصين : أي أنه شديد تجافي الأخمصين عن الأرض، لكن على وجه لا يخرجه عن حد الاعتدال و الجمال، بل هو من كمال الحسن و القوة و العزة و الهيبة ) مسيح القدمين ( أي أملس القدمين و مستويهما بلا تكسر ) ينبو عنهما الماء ( يتباعد عنهما الماء إذا صب عليهما من شدة ملاستهما إذا مر الماء عليهما مر سريعا لأنهما مستويتان لا اعوجاج و لا تجاعيد فيهما, بل كالبللور الأبيض الشفاف ) إذا زال زال قلعا ( يعني إذا مشى رفع رجليه بقوة كأنه يقلع شيئا و لا يجرهما على الأرض ضعفا و كسلا، كما لا يمشي مشية المختال الذي يقارب خطاه تبخترا )
يخطو تكفيا ( يمشي مائلا إلى سنن المشي، و هو ما بين يديه ) و يمشي هونا ( الهون : الرفق و اللين، والمعنى أنه صلى الله عليه وآله وسلم ، كان إذا مشى يرفع رجليه عن الأرض بقوة، كما دل عليه القول : – إذا زال زال قلعا – و إذا وضعهما على الأرض وضعهما برفق و توؤدة، و هذا معنى ( يمشي هونا ) فهو يشير على كيفية وضع رجليه على الأرض، و أنه صلى الله عليه وآله وسلم يمشي بسكينة و وقار و حلم وأناة، دون أن يضرب برجله الأرض أو يخفق بنعله )
ذريع المشية ( أي واسع الخطوة خلقة بلا تكلف )
إذا مشى كأنما ينحط من صبب ( كأنما ينزل من علو ) و إذا التفت، التفت جميعا ( لا يسارق النظر، و لا يلوى عنقه يمنة و لا يسرة )
خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء ( و المعنى أن نظره صلى الله عليه وآله وسلم ، إلى الارض حال السكوت و عدم التحدث، و أما في حال التحدث فإنه يكثر النظر إلى السماء ) جل نظره الملاحظة ( يعني أنه ينظر ملاحظة و يلحظ بشق عينه ما يريد أن يراه و هو اعتناء بالمنظور إليه فقطن و إلا فهو يرى من خلفه كما يرى من أمامه، فهو لا يريد أن يحد النظر إلى شيء لاستغراقه في شهود الحق تعالى ) يسوق أصحابه ( يعني يقدم أصحابه بين يديه و يمشي خلفهم ليرعاهم و يختبر حالهم و يعين ضعفاءهم، و ليترك ظهره للملائكة خلفه كما روى في سنن الدارمى ( خلوا ظهري للملائكة ) و يبدر من لقى بالسلام ( يعني يبدأ من لقيه بالسلام و إلقاء التحية و لا ينتظر حتى يسلم عليه فإن ذلك غاية التواضع و نهاية التلطف و دفع الخوف و الحرج عمن يلقاه صلى الله عليه وآله وسلم ) رواه الترمذي في سننه.
يـــــــــــــــــــتبع في العدد القادم إن شاء الله تعالى …..