اللهم صل وسلم وبارك صلاة مطلقة في عين قيدها على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيراً
الرياضيات العرفانية
المالانهاية ( المقيد والمطلق )
المالانهاية…. موضوع حير العلماء والفلاسفة, ومفهوم بات لا بد من إدراكه ودراسته لما له من نتائج عجيبة في المجالات العلمية كالرياضيات والفيزياء, فتأثير هكذا علم رياضي على العلوم الأخرى أمر مفهوم ومقدر عقلياً, أما أن يكون له معراج إلى التوحيد حيث ترى العقل ينفي قدرته بمنظومة منطقية سليمة ويبرهن لنفسه أنه محدود الطاقات فهذا الأمر الذي يعرض هنا للمرة الأولى حول العالم, فالناس تفهم أن الأمر إما أن يكون مقيداً, محدوداً ذو نهايات معروفة, أو أن يكون مطلقاً لا قيد فيه, أما أن تكون هاتين الحقيقتين وجهان لعملة واحدة ويكون الأمر مقيداً ومطلقا في الوقت نفسه فهذا ما يسميه العقل بالمستحيل … أليس كذلك ؟ تعالو لنرى كيف هي الحقيقة
إذا رسمت لك مربعاً الشكل 1 طول الضلع فيه 3سم فانني أكون قد قيدت مساحة من سطح الورقة وحددتها ويمكنني حتى أن أحسبها فهي تساوي 9 سم2 ويكون بالتالي المربع مقيد لا إطلاق فيه ولا لانهاية فيه, ولكن لنقترب قليلا ونرى المسألة التالية, لو طلبت منك أن تقسم هذا المربع نصفين فانك تستطيع ذلك بأن تقسمه نصفين ( الشكل 1 ) , وإذا طلبت منك أن تقسمه إلى 4 أقسام فإنك تقسم كل نصف ناتج من القسمة السابقة إلى نصفين فيكون الناتج 4 ( الشكل 1 ) , وإذا طلبت منك أن تقسمه إلى 8 أقسام فإنك تفعل بالـ 4 أقسام السابقة فعلتك بالقسمين, وهكذا يمكنك أن تقوم بعدد لا نهاية له من القسمة لأننا إذا رسمنا خط مستقيم أوله الصفر وآخره الواحد كما هو موضح في ( الشكل 2 ) فانني أستطيع أن أعين 10 أعداد بينهما هي 0.1, 0.2, 0.3, 0.4,…..,1 , وإذا أخذت المسافة بين الصفر والـ 0.1 فيمكنني كذلك أن أعين 10 أعداد هي 0.01, 0.02, 0.03, 0.04 , ….., 0.1, فاذا أخذت المسافة بين الصفر والـ0.01 يمكنني أيضاً أن أعين 10 أعداد 0.001, 0.002, 0.003, ….., 0.01 وهكذا إلى المالا نهاية مادام هناك عدد لانهاية له من الأعداد بعد الفاصلة, إذاً ها نحن نرى في المربع المقيد الذي كانت مساحته 9 سم2 إطلاق المالانهاية, لا بل نرى المالانهاية أصل له, فهذا المربع عبارة عن مجموعة الاجزاء اللا متناهية في الصغر التي تكونه…..! مهلا هذا الكلام رياضيا خاطئ, وعقائديا كذلك خاطئ, لماذا ؟
عندما نتكلم في الرياضيات عن المالانهاية لايعود هناك جزء أصلا, لأنني لو فرضت أن المربع مقسوم إلى عدد كبير جدا من الأجزاء, كبير جداً لدرجة لا يمكن تخيلها فرضاً, فانني أثبت أن هناك جزءاً وبالتالي فهو كذلك مكون من عدد كبير جداً لا يمكن تخيله من الأجزاء والتي يتكون كل جزء منها من عدد كبير لا يمكن تخيله من الأجزاء والتي…… ما دمنا نتكلم عن عدد كبير جدا فقد حددنا العدد ولم نعطه الاطلاق ولهذا تجد أن عملية القسمة مستمرة باطلاق, ولهذا أخطأ من فهم أن اللانهاية هي عدد كبير جداً لا يمكن تخيله, بل هي المالانهاية, فكيف نميز في الرياضيات بينهما :
إذا كان هناك أجزاء بعدد كبير فعملية جمع هذه الأجزاء في واحد تسمى مجموع ورمزها الرياضي :
ومعناه مجموع عدد الأجزاء ( والذي قد يكون عدد صغير أو كبير جداً لا يمكن تخيله ) إبتداء من الجزء المساوي للصفر. فهنا نحن نتكلم عن أجزاء ومجموع أجزاء فنحن هنا نتعامل مع المقيد.
أما إن تكلمنا بأحدية ولم نعد نعتبر الأجزاء, كأن نعتبر المربع مكونا من عدد لا نهاية له من الوحدات ( وليس عدد كبير جداً لا يمكن تخيله ) فان العملية المشابهة لجمع الأجزاء في واحد تسمى هنا تكاملاً ورمزها الرياضي :
ومعناه أننا نتكلم هنا عن ناتج إجمال اللانهاية الموجودة بين النقطتين س و ن في عدد واحد, فنحن هنا نتكلم عن الأطلاق.
لاحظ معي كيف أننا في المقيد تكلمنا عن مجموع وكان محدوداً, أما عندما تكلمنا عن المطلق فتكلمنا عن التكامل والإجمال والنتيجة يمكن أن تكون محدودة أيضاً, فنحن نعلم أنه في المسافة بين الصفر والواحد سنتيمتر وعلى الرغم من أن هناك عدد لا نهاية له من الأعداد لكن مجموعها على لانهايته سيعطيني الواحد سنتيمتر الذي كان لدي, وهنا تجد تلازم المطلق مع المقيد.
ماهي الحقيقة هنا ؟
الحقيقة هنا هي قاعدة نستنتجها من هذا العلم وهي :
” المقيد هو صورة حسية للمعنى المطلق المدرك عقلياً “
أي أنه لم يكن بالامكان أن نرى المربع لو اكتفينا بأن نقول هو مجمل اللانهاية من الوحدات اللامتناهية في الصغر, ولكن كان لا بد أن يتقيد هذا المربع بمساحة محددة ( ولو أنها في باطنها مطلقة بلانهاية ) حتى نستطيع أن نراه وتسمى مساحته المقيدة ” تكامل “, فانظر كيف أن كمال المطلق هو في عين المقيد, فالهدف هنا أن نرى الاطلاق من وراء المقيد لا أن ننحد بالمقيد عن المطلق كما يحدث للأغلبية, فأهل الله رضوان الله عليهم هم الذين يشهدون إطلاق الحق في قيد العبد, وكمال الحق في لانهائية صور الوجود, وللسلوك نصيب في توضيح هذه الحقيقة.