مجلة كلمة الله تعالى

(مراقبة الله تعالى في المنع والعطاء – بقلم : الدكتورة فاطمة هرشو – العدد (73

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حمداً كثيراً يليقُ بكثر نعمه وعظيم حبه وفضله

الحمد لله حمد الشاكرين العارفين بربوبيته الحمد لله حمداً رضى بما رضي وقدر بما منع وأعطى

صلاتك ربي على سيد الحامدين محمد على حبيبك ربنا الشكور وسلامك على أطهر أنفاس تلفظت بحمدك رب العالمين وعلى ورثته أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

وعليك بمراقبة الله تعالى فيما أخذ منك وفيما أعطاك فإنه تعالى ما أخذ منك إلا لتصبر فيحبك فإنه يحب الصابرين, وإذا أحبك عاملك معاملة المحب محبوبه .. فكان لك حيث تريد إذا اقتضت إرادتك مصلحتك, وإذا لم تقتض إرادتك مصلحتك فعل بحبه إياك ما تقتضيه المصلحة في حقك وإن كنت تكره في الحال فعله معك .. ( فميزانك في حبه إياك أن تنظر إلى ما رزقك من الصبر على ما أخذ منك )

وما من شيء يزول عنك من المألوفات إلا ولك عوض منه عند الله إلا الله .. قال بعضهم :

لكل شيء إذا فارقته عوض             وليس لله إن فارقت من عوض

(فإنه لا مثل له )

فإن أعطاك فاشكر وإن أخذ منك فاصبر :

وما شكرك على عطاءه إلا سبب لزيادته لك لقوله ” لئن شكرتم لأزيدنكم “

ووصف نفسه بأنه يشكر عباده فهو الشكور .. فزده كما زادك لشكرك .. فما تم شيء في العالم إلا وهو لله, فإن أخذه منك فما أخذه إلا إليه .. وإن أعطاك فما أعطاك إلا منه ( فالأمر كلّه منه وإليه ) ..

وكفى بك إن علمت أن الأمر على ما أعلمتك أن تكون مع الله تشهده في جميع أحوالك

فإنك لن تخلو في نَفَسك من أخذ وعطاء إلهي .. يأخذ منك نَفَسك الخارج بما خرج من ذكر بقلب أو لسان, فإن كان خيراً ضاعف لك أجره .. وإن كان غير ذلك فمن كرمه وعفوه يغفر لك ذلك ويعطيك نَفَسك الداخل بما شاء وهو وارد وقتك, فإن ورد بخير فهو نعمة من الله تعالى فقابلها بالشكر وإن كان غير ذلك مما لا يرضى الله تعالى فاسأله المغفرة والتجاوز والتوبة .. والتوبة من حجاب غفلتك فيما منعك عنه وانشغالك به وحالك من الصبر عنه سبحانه المانع فكنت مع الممنوع وغفلت عن المانع فالأصل في منعه مراقبته هو لا فيما منعك عنه .. كن مع المانع فأنت في عطاء ولا تنشغل فيما مُنعت عنه فتكون في حجاب غفلتك عن الله المانع ..

وبذلك نجد عزاً في نفوسنا بمعرفتنا أن كل شيء عند الله يجري إلى أجل مسمى .. ورد في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ” إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى ” أخرجه مسلم والبخاري وأبو داود والنسائي عن أسامة بن زيد .

وللصابرين حمدٌ يخصهم وهو الحمدلله على كل حال، كما للشاكرين حمدٌ يخصهم وهو الحمدلله المنعم المفضل، هكذا كان يحمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ربه عز وجل في حال السراء والضراء ..

كما أن للعارفين حمدٌ يخصهم وهو الحمدلله الرب الشكور ..

شكر الله مربينا العارف بالله فضيلة العلامة الدمشقي الشيخ د.هانيبال يوسف حرب حفظه الله تعالى

ما علمنا إياه من حمد الشاكرين وأوصانا فقال :

لا تغفل عنه في المنع كما لا تغفل في العطاء .. فالمنع والعطاء عين حكمته فلا تعترض .

وأخيراً .. الحمدلله رب العالمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى