وصلى الله على سيدنا محمد شعلة الباحثين عن الحق في ظلماء الوجود , هادي الناس إلى رب العالمين وآله وصحبه وسلم .
ملاحظة : الكلام بهذا اللون هو لكاتب المقالة .
روى البخاري : ” أن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كان يجمع بين الرجلين في قتلى أحد – يعني في القبر- ثم يقول أيهما أكثر أخذاً للقرآن فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد “.
قلت ( أي الإمام الشعراني رحمه الله تعالى ) : ومعنى كونه أكثر أخذا للقرآن, أي أكثر عملاً به من قيام ليل واجتناب نهي ونحو ذلك .
وروى الطبراني والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم مرفوعاً : ” البركة مع أكابركم “.
وروى الإمام أحمد والترمذي وابن حيان في صحيحه مرفوعاً : ” ليس منّا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير “.
وفي رواية للإمام أحمد والطبراني والحاكم مرفوعاً : ” ليس من أمتي من لم يُجلّ كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه”.
وفي رواية : ” ويعرف شرف كبيرنا “.
وروى الطبراني مرفوعاً : ” تواضعوا لمن تعلّمون منه “.
وروى الطبراني أيضاَ مرفوعاً : ” ثلاثة لا يستخِف بهم إلا منافق, ذو الشيبة في الإسلام وذو العلم والإمام المقسط ” الحديث .
وروى الإمام أحمد والطبراني بإسناد حسن عن عبد الله بن بشر قال : سمعت حديثاً منذ زمان : ” إذا كنت في قوم عشرون رجلا أو أقل أو أكثر فتصفحت وجوههم فلم تر فيهم رجلاً يُهاب في الله عز وجل فاعلم أن الأمر قد رَقّ “.
وروى الطبراني مرفوعاً : ” لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خصال فذكر منها وأن يروا ذا علم فيضيعونه ولا يسألون عليه “.
أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أن نكرم العلماء ونجلهم ونوقرهم ولا نرى لنا قدرة على مكافأتهم ولو أعطيناهم جميع ما نملك أو خدمناهم العمر كله, وهذا العهد قد أخل به غالب طلبة العلم الآن ( علماَ أن هذا الكلام مكتوب منذ أكثر من 458 عام هجري فتأمل !!! ), حتى لا نكاد نرى أحداً منهم يقوم بواجب حق معلمه, وهذا داء عظيم في الدين مؤذن باستهانة العلم وبأمرِ من أمرنا بإجلال العلماء صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم, فصار أحدهم يفخر على شيخه حتى صار شيخه يداهنه ويمالقه حتى يسكت عنه فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وقد بلغنا عن الإمام النووي أنه دعاه يوماُ شيخه الكمال الأربلي ليأكل معه, فقال : يا سيدي اعفني من ذلك فإن لي عذراً شرعياً فتركه, فسأله بعض إخوانه ما ذلك العذر ؟ فقال أخاف أن تسبق عين شيخي إلى لقمة فآكلها وأنا لا أشعر .
وكان رضي الله تعالى عنه إذا خرج للدرس ليقرأ على شيخه يتصدق عنه في الطريق بما تيسر ويقول اللهم استر عني عيب معلمي حتى لا تقع عيني له على نقيصة ولا يبلغني ذلك عنه أحد رضي الله تعالى عنه .
ثم أقل آفات سوء أدبك يا أخي مع الشيخ أنك تُحرم فوائده, فإما يكتمها عنك بغضاً فيك, وإما أن لسانه ينعقد عن إيضاح المعاني لك, فلا تتحصل من كلامه على شيء تعتمد عليه عقوبة لك, فإذا جاءه شخص من المتأدبين معه انطلق لسانه له لموضع صدقه وأدبه معه, فاعلم أنه ينبغي للطالب أن يخاطب شيخه بالإجلال والإطراق وغض البصر كما يخاطب الملوك ولا يجادله قط بعلم استفاده منه في وقت آخر إلا على سبيل التعرف, فيقول : يا سيدي سمعناكم تقررون لنا أمس خلاف هذا فماذا تعتمدون عليه من التقريرين الآن حتى نحفظه عنكم ؟ ونحو ذلك من الألفاظ التي فيها رائحة الأدب, وكذلك ينبغي له أن لا يتزوج امرأة شيخه سواء كانت مطلقة في حياته أو بعد مماته, وكذلك لا ينبغي له أن يسعى على وظيفته أو خلوته أو بيته بعد موته فضلاً عن حياته إلا لضرورة شرعية ترجح على الأدب مع الشيخ, وكذلك لا ينبغي أن يسعى على أحد من أصحاب شيخه أو جيرانه فضلا عن أولاده, فإن الواجب على كل طالب أن يحفظ نفسه عن كل ما يغير خاطر شيخه في غيبته وحضوره .