والصلاة والسلام على خير الذاكرين وإمام المتقين محمد وعلى آله وصحبه وسلم
معنى كلمة ذكر
الذِّكْرُ: الحِفْظُ للشيء تَذْكُرُه. والذِّكْرُ أَيضاً: الشيء يجري على اللسان. والذِّكْرُ: جَرْيُ الشيء على لسانك، وقد تقدم أَن الذِّكْرَ لغة في الذكر، ذَكَرَهُ يَذْكُرُه ذِكْراً وذُكْراً؛ الأَخيرة عن سيبويه. وقال الفراء: الذِّكْرُ ما ذكرته بلسانك وأَظهرته. والذُّكْرُ بالقلب. يقال: ما زال مني على ذُكْرٍ أَي لم أَنْسَه. والتَّذكِرَةُ: ما تُسْتَذْكُرُ به الحاجة. والتَّذَكُّر: تذكر ما أُنسيته. وذَكَرْتُ الشيء بعد النسيان وذَكْرتُه بلساني وبقلبي وتَذَكَّرْتُه وأَذْكَرْتُه غيري وذَكَّرْتُه بمعنًى، وهذا لغة.
فما المقصود من الذكر في كتاب الحق عزّ وجل حقيقة ومعرفة …
يقول تعالى في كتابه الحكيم : {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ }ص1
وهذا قسم أقسم فيه الله بالقرآن وخصص في هذا القسم وصف القرآن بأنه ذي الذكر، وسبق هذا القسم حرف الصاد 1- الذكر في القرآن الكريم :
الذكر في القرآن الكريم هو قول الحق ، بل كلمات الحق عز وجل المتجسدة حقيقة والمدركة بكل الحواس الظاهرة والباطنة لتكون صاد نحيا بها ونشهدها …
فالذكر أنوار حقيقة معاشة مرقومة في كتاب القرآن الكريم
في هذه الـ ” ص ” السابقة للقسم بالعلم القديم ” القرآن الكريم ” شهدنا كلمات الحق قولا وفعلا ألا وهي ” الذكر ” فشهدناها علما من الرحمن الذي علم القرآن
فلا تنفع الذكرى إلا أهل القلوب الحية إذ يتجلى اسم الله النافع على هذه القلوب بمشيئته تعالى :
{ فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى } الأعلى9
{ سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى } الأعلى10
{ وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى } الأعلى11
3- القلب الخاشع والقلب الذاكر :
سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى : سيذّكر : فعل في زمن المستقبل
وكأنّ شرط فعل الاستذكار هو القلوب الخشية و( الخشية من الخشوع أي اليبوس ) نقول شجرة خشية أو أرض خاشعة أي يابسة مثاله : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ … } فصلت39.
واعلم أّنّ معنى الخشوع ليس كمعنى الخوف ، يقول تعالى : { وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ } الرعد21
الخشوع يأتي من عظمة ما ترى أو ما تشهد وفيه تجليات جلالية.
أمّا الخوف يكون في عوالم الأفعال والأحكام والأسماء
بينما الخشوع في عوالم الذات والصفات
فمثلا نحن تلاميذ العارف بالله تعالى هانيبال يوسف حرب الدمشقي حفظه الله تعالى حين نكون في مجلسه تجد أن قلوبنا خاشعة لعظمة الأنوار الربانية وعظمة حضورالحق الذاتي , والتابع لا يفرد في الحكم وهذا سبب ما جاء عن الصحابة أنهم في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجلس أحدهم وكأن الطير على رأسه ( خشوعا بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ).
فالخوف فيه فزع أمّا الخشوع فيه رهبة.
( القلب يخشع لله تعالى لعظمته سبحانه وتعالى )
ففي حال كان قلب الإنسان يحيا بعظمة الحق عزّ وجل حتى الخشوع فهذا قلب فيه استعداد لإمدادات الذكر .